المحكمة الخاصة

قضية الحريري: تقرير لريفي يخدم الدفاع

 

 تحوّل تقرير العميد أشرف ريفي والذي وضعه بعد أيام على جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري وضمّنه كل المعطيات التي تساعد في نقل ملف قضية الرئيس الحريري إلى جهات دولية تماشيا مع التوجهات السياسية لفريق ريفي السياسي، تحوّل إلى وثيقة خدمت نظرية الفريق المكلف الدفاع عن المتهم حسن مرعي الذي عالج في مذكرته الختامية اليوم موضوع علاقة مرعي بإختفاء الإنتحاري الإفتراضي أبو عدس.

تناول ريفي في تقريره أبو عدس واصفا إياه بالضحية الصغيرة التي لا يجب أن يتم تحميلها وزر هذه الجريمة الكبيرة، كما تحدث ريفي في تقريره عن أخطاء كبرى قد ارتكبت في إدارة التحقيق ،منها تسريب بعض الأمور التي خلقت ملابسات أدت الى زعزعة الثقة بالتحقيق، ومنها قضية المدعو أحمد تيسير أبو عدس"!

كلام ريفي فسره القاضي الرديف لدى غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الخاصة بلبنان وليد العاكوم بقوله "إن ريفي كان يقصد بمصطلح الضحية الصغيرة، ضابطا صغيرا وليس أبو عدس، لتحميله وزر الأخطاء في مسرح الجريمة"، فيما خالفه في التفسير رئيس الغرفة القاضي ديفيد راي والقاضية ميشلين بريدي التي تساءلت ما إذا كان قد تسرّع ريفي آنذاك بإستنتاجه بأن ابوعدس كان ضحية صغيرة، أو كما يصفه إدعاء المحكمة بكبش فداء.

والسؤال المثير كيف لضابط أمني أن يدرك مسبقا وقبل التحقيقات من أن أحد أبرز المشتبه بهم آنذاك ،ولو نظريا، هو ضحية صغيرة وليس شريكا كبيرا في جريمة كبيرة؟

المحامي جاد خليل من فريق مرعي عرض للوقائع التي سادت في مسرح الجريمة معتبرا أن أبوعدس كان في مسرح الجريمة وذلك لثلاثة أسباب:

1- كشفت الأدلة أن مسرح الجريمة كان ملوثا بشكل كبير والتحليلات والتحقيقات كانت معيبة وبالتالي لا يمكن أن نستنتج أن جميع البقايا البشرية قد تم جمعها للتحليل. ووفقا لشهود المدعي العام فإن مسرح الجريمة لم يكن محميا بشكل كاف ولم تكن إدارته بشكل جيد ،ما أدى إلى فقدان وتلف أدلة حاسمة. وكان مسرح الجريمة ملوثا بالماء والجرافات والشاحنات والكلاب.

2- إستنادا الى إفادة الشاهد البروفسور فؤاد أيوب المختص بالطب الشرعي، " فإن مسرح الجريمة كان ملوثا بشدة". والبروفسور أيوب إنتقل الى مسرح الجريمة في 18 شباط أي بعد 4 أيام على الإنفجار،وكانت مهمته جمع العينات البشرية من أجل إجراء إختبارات او الحمض النووي. وقد لاحظ أيوب سوء الحفاظ على مسرح الجريمة، وقال انه لم يكن قادرا على أخذ العديد من العينات لأنه تلقى تعليمات بعدم الإقتراب من حفرة الإنفجار والمركبات.

3- المياه المستخدمة من قبل رجال الأطفاء تلوث مسرح الجريمة وتنقل البقايا البشرية من أمكنتها الحقيقية.

4- استند المحامي خليل على تقرير للعميد أشرف ريفي (مساعد المفتش العام في قوى الأمن الداخلي آنذاك وضابط الإرتباط بين قوى الأمن ولجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة)، ليؤكد أن الإجراءات في مسرح الجريمة إعترتها أخطاء دفعت بوزير الداخلية لإصدار قرار قضى بتكلف المفتشية العامة لقوى الأمن الداخلي لإجراء التحقيقات المسلكية، وكان بنتيجة التحقيق أن أقيل قائد شرطة بيروت وقائد الشرطة القضائية.

5- يضيف تقرير ريفي أن الإجراءات كانت دون المستوى المطلوب ومناقضة للأسس البديهية التي تعتمد في مواجهة هكذا جرائم أو جرائم أقل أهمية منها.

6- يتابع ريفي: نقلت أدلة أساسية إلى خارج مسرح الجريمة وإدخال جرافة بطريقة غير مبررة الى مسرح الجريمة. ويقترح ريفي إعادة النظر بكل الإجراءات التي إتخذت نظرا للفوضى العارمة في مسرح الجريمة.

7- تساءل المحامي خليل عن سبب وصف ريفي لأبو عدس بالضحية الصغيرة، هل هو تقني، سياسي، قانوني، مسلكي؟

8- بناء على كل ذلك، لا يمكننا أن نستنتج أن جميع العينات تم جمعها وتحليلها، ولا تسمح الأدلة المقدمة من قبل المدعي العام للغرفة بإستبعاد الإمكانية المعقولة لوجود البقايا البشرية العائدة لأبو عدس.

9- لم يتم التعرف على بعض البقايا البشرية لأنها كانت غير صالحة للتحليل. ولم يتم تحليل بعض البقايا البشرية وفحص الحمض النووي عليها، وعلى سبيل المثال تم العثور على بقايا عظام من قبل الخبراء الهولنديين وصفت بانها غير بشرية، فلم يتم تحليلها في البداية ،ولكن بعد فترة من الزمن أجرى الخبراء الأسبان على هذا العظم تحليلا بتاريخ 17/أيار/2006 ليتبين أنه القرن الكبير للعظم اللامي الأيسر، ولم يتم التوصل لبيانات الحمض النووي له.

10- تم العثور على سن ،وزعم الادعاء أنه يعود للرجل المجهول (الإنتحاري). وما يهمنا أنه عثر في مسرح الجريمة على سن ثان من قبل المحققيين الإسبان ولم يتمكنوا من الحصول على بيانات الحمض النووي له بسبب تعرضه لأشعة الشمس ودرجات الحرارة العالية لفترة طويلة جدا.غير أنه تم الإستنتاج من تحليل الأشعة انه يعود إلى شاب.

11- واستنادا الى البرفسور أيوب فإنه من الممكن أن تكون البقايا البشرية التالفة لشخص كان أقرب للإنفجار من الشخص المجهول. كدفاع نقول ليس بسبب إكتشاف بقايا الرجل المجهول، يعني أن بقايا أبو عدس كان ينبغي العثور عليها، إذا كان على متن المركبة، مع الإشارة إلى أنه لا يوجد في أدلة المدعي العام ما يشير إلى عدد الأشخاص الذين كانوا في الميتسوبيشي.

12- يقول البرفسور أيوب أنه تم العثور على 2% من كتلة الرجل المجهول، والادعاء يقول كيلوغرام، ما يعني أن 98% من كتلة الرجل المجهول لم يتم العثور عليها. ما يعني انه لا يمكن للغرفة إستبعاد وجود أبو عدس في مسرح الجريمة. خلال قراءة جزء من الإستجواب المضاد لأيوب بشأن الشخص الإفتراضي الثاني وإحتمالات أن تكون أشلاؤه قد تبعثرت بما يفوق تبعثر الرجل المجهول، تدخل القاضي راي ليعتبر أن أيوب هو طبيب أسنان ولديه بعض المؤهلات لإجراء فحوص الحمض النووي سائلا المحامي خليل عما إذا كان هناك أي إفادة من شخص لديه خبرة في الباليسية، يعرف أين تكون البقايا البشرية بعد الإنفجار، ولا أعتقد أن البرفسور أيوب متخصص بهذا المجال.

13 – يؤكد خليل أن البروفسور كان متخصصا ومكلفا رسميا من لجنة التحقيق الدولية. وجرى العودة الى قرار الغرفة بشأن توصيف أيوب ليتبين بأنه طبيب أسنان جنائي وكفوء، وشكك القاضي راي بخبرة البروفسور أيوب كخبير على معرفة مسائل تتصل بتبعثر ألأشلاء البشرية بعد الإنفجار وملاحظاته بحاجة الى تدقيق، وعلينا النظر بهذا الموضوع بصورة أدق.

في المقابل اعتبر المحامي جاد أن الادعاء استند على إفادة أيوب ولا يمكن تجزئة الإفادة. والإدعاء بعد نحو 4 سنوات من المحاكمات فإنه  لم يطعن بمواضيع جرى ورودها بإفادة وتقرير أيوب.

وختم خليل بشرح طباع أبو عدس، وقال :"يدعي الادعاء بأنه كان طيب القلب ويحب الحياة"، وأنا ألفت عناية الغرفة إلى أن الإنتحاري زياد رمضان وهو من الطائفة السنية الكريمة والذي كان من ضمن المجموعات التي عملت على تفجيرات الكونغرس والبيت الأبيض في أيلول 2011، يحب الحياة قبل أن يتحول الى إنتحاري يختاره أسامة بن لادن لهذه المهمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى