العالم العربيسياسة

قتل خاشقجي: جريمة ثلاثية الأبعاد.

أن تحشد المخابرات السعودية كلّ هذه العناصر والطاقات اللوجستية من سيارات وطائرة جاسمة على أرض مطار في بلد كتركيا على خلاف معها، خلاف سياسي-عقائدي-أخواني اسلامي، ليست بجريمة غبية ،بل أريد لها أن تتكلل بالفشل وبالغباء . انها نتاج صراع وتقاتل مخابرات عالمية تتقن فنّ القتل لأهداف سياسية بعيدة المدى من أجل الإطاحة برؤوس وتيجان ومنظومات سياسو-اقتصادية خرجت عن طاعة منظومة مالية أكبر وأخطر وأكثر قسوة.
ليست بجريمة غبية، فقد حشدت المخابرات السعودية كل الأدوات لإنجاح خطف صحافي الى الرياض ،ولكن شاء لله وما قدّر فعل وما شهدناه او سمعناه ليس الا بتصرفات قاتل فوجىء بتطور الأحداث فجاءت تصرفاته على عجل وبحماقة ،وما كان ما كان وفق المخطط المعدّ سلفاً بل كان الهدف خطفاً تحول لفضيحة قتل وموت معلن.
ليس هدف الجريمة صحافي معروف لا يملك من القوة والحيلة أي إمكانية لتغيير أي مسار سياسي او اقتصادي بقلمه ولا بأفكاره ولا تشكل حياته اي تهديد للسلم السعودي او خدمة انسانية لدول العالم ،بل هي جريمة ثلاثية الأبعاد بإمتياز، ضحاياها من سقط في القنصلية في اسطنبول ومن سيطاح به في الرياض ومن سيعزل قريبا في البيت الأبيض.
إغتيال مستشار النمسا في سراييفو ليس بالسبب الحقيقي لإندلاع الحرب العالمية الأولى، ومحاولة إغتيال السفير الإسرائيلي في لندن ليس بالسبب الحقيقي لإعلان الاجتياح الإسرائيلي سنة 1982 ضد منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت، وجريمة قتل الصحافي خاشقجي ليست الا بحرب انتقام بين أمراء مستنفرين على صهوة جيادهم يطلبون الثأر ممن ألحق بهم العار، بل وهي بصراع اميركي خاص بمصالح اقتصادية متضررة من السياسة الإسبرطية ولثقافة القرصان لدى الرئيس ترامب.
ما عادت أغاتا كريستي هنا لتكتب رواية عن جريمة في اسطنبول ،وما عاد شرلوك هولمز هنا ليفضح سيناريو القتل ببراعة ،إنما هكذا تتقاتل عصابات المال والإقتصاد، وهكذا تسخّر الاعلام لتسمع العالم أزيز المنشار وتأوهات المعذب ،وهكذا تسخر الاعلام ليشاهد العالم دما متطايرا في الأجواء ،وصراخ مغلوب على أمره يستنجد بالعدالة العالمية ليتعاطف العالم كلّه مع اداة القتل البربرية الأصيلة التي ستأتي للانتقام من المحتار في أمره في الرياض، لأنه تلكأ وحاول الخروج عن مسار الطاعة.
من عادة المخابرات الأميركية ان تتهم اي قائد بالعمالة لها لتبرر مطاردته ثم قتله، فهكذا حصل مع الرئيس صدام حسين في بغداد وهكذا سيحصل دائما، إنها نفس اللعنة.
*طبيب نفسي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى