منوعات

الجنس وأمراض القلب: المشاكل والمخاطر والعلاجات( الجزء الثالث)


في دراسة نشرت سنة 2006 يقول أحد المتخصصين في دراسة الاضطرابات الجنسيه إن الرجل الذي يعاني من إضطرابات في الإنتصاب ولايعاني من إضطربات ومشاكل قلبيه هو مريض قلب حتى إشعار آخر وحتى إثبات العكس.  وتشير الإحصاءات والدراسات العلميه المتوفرة الى أن مشاكل وإضطرابات الإنتصاب Erectile Dysfunctionهي ظاهرة  منتشره جدا عند الرجال وهي عامل خطوره مستقل للإصابه بأمراض القلب والشرايين، وتعادل في خطورتها خطورة التدخين المتوسط على المدى البعيد، وإن الرجال الذين يعانون منها لايتجاوزون الثلاث سنوات بعد أكتشاف هذه المشكله ،قبل أن يصابوا بأحدى مشاكل القلب والشرايين .  لذالك يجب أعتبار هذه الظاهرة كجرس أنذار للأصابه بأمراض القلب والشراين فيما بعد ،وأن على الأطباء أن يعملوا كل ما بوسعهم لمحاربة أسباب هذه الضاهرة والوقاية منها قبل الوصول الى المشاكل الأخطر في القلب والأوعية الدمويه الأخرى للرأس والأطراف ،وذلك بحسب نظرية القطعة الظاهرة من جبل الثلجTip of the iceberg of a systemic vascular disease .

1- لمحة سريعة عن مشاكل الأنتصاب عند الرجل :
تعرف مشاكل الأنتصاب بعدم القدره للوصول للأنتصاب أو متابعة أنتصاب العضو الذكري خلال أقل من خمسين بالمئه من فترة العلاقة الجنسيه مع الشريك ، وهي مشكله رائجه جدا ويقدر بأن رجلا من كل عشرة رجال سوف يعاني من هذه المشكله مرة واحدة خلال حياته الجنسيه . وهي ظاهرة غير طبيعيه في كل الأحوال وكل الأعمار، ومن الممكن أن تكون مترافقه مع ظواهر أخرى مثل قلة الرغبه الجنسيه أو القذف السريع أو عدم حصول النشوة الجنسيه ، وفي بعض الأحيان قد تكون هذه الظاهرة مؤقته ومتعلقه بأسباب متعددة مثل التوتر والقلق وتناول كميات كبيره من الكحول أو المخدرات أو بعض أنواع الأدوية المهدئة أو المشاكل العاطفيه مع الطرف الآخر أو نتيجة تعب شديد ، وبشكل عام لاعلاقه لمشاكل الأنتصاب مع التقدم بالسن، لكن المسنين بحاجة الى تأثيرات وأغرءات أكثر للوصول الى الأنتصاب لكنهم يبقون قادرين على الوصول الى أنتصاب طبيعي يمكنهم من ممارسة حياتهم الجنسيه طبيعية رغم تقدمهم بالسن .

2- أسباب مشاكل الأنتصاب :
هناك أسباب عديدة لمشاكل وأضطربات الأنتصاب من أهمها :
-أمراض الأوعيه الدمويه ،ويأتي في مقدمتها مرض تصلب الشراين الذي يصيب الأوعيه الدمويه الصغيرة والمتوسطه والكبيرة الحجم ويؤدي الى أصابة شرايين العضو الذكري في مراحل مبكره جدا قبل أن تصاب فيما بعد شراين القلب والدماغ والأطراف بحسب نظرية حجم الشرايينThe artery size hypothesis حيث أن المرض يصيب أولا الشرايين الصغيرة ثم الأكبر فالأكبر .
– المشاكل العصبيه التي تؤدي الى أصابة الجهاز العصبي للعضو الذكري، ومنها تلك الناتجة عن الجلطات الدماغيه ومرض السكري وأمراض عصبيه متعددة مثل مرض التصلب اللويحي ومرض الباركنسون وبعض أورام الأعصاب وغيرهم من أمراض آخرى .
-المشاكل النفسية وفي مقدمتها التوتر والقلق والأكتئاب وقلة الرغبه الجنسيه الناتجه عن مشاكل دماغيه أخرى .

-الأسباب الأخرى ومنها حوادث السير والصدمات وبعض الأمراض المزمنه وجراحة البروستات والمبولة والكحول وتناول بعض أنواع الأدويه، مثل بعض مضأدات أرتفاع الضغط الشرياني ومضادات الأكتئاب والمهدئات وأدوية الألتهاب والهرمونات وأدوية الصرع وأدوية مرض البروستات وغيرها ، واخيرا تناول كميات كبيره من الكحول والمخدرات وحشيشة الكيف والمنشطات (Amphetamines) وغيرها.
3- ماهي العلاقة بين مشاكل الأنتصاب والمشاكل القلبيه :
إن أكثر الناس يعرفون إن عدم قدرة الأوعيه الدمويه على التمدد والتوسع وأصابتها بالتصلب ،أي أن مايسمى بمرض تصلب الشرايين Atherosclerosisهو السبب الأول للأصابه بالمشاكل القلبيه والجلطات الدماغيه وجلطات الأطراف والموت المفاجئ .وقد ذكرنا كل ذلك تفصيليا في محاور الكتاب الذي بين أيديكم وكذلك فإن المشكلة التي تبدأ في الأوعية الدموية تبدأ من أضطرابات تصيب الطبقة الداخليه من خلايا جدار هذه الأوعيه التي تسمى (Endothelium) والتي تصاب بعدم القدرة على التجاوب مع المواد التي تؤدي الى أرتخاء أو تقلص الشريان (Endothelial dysfunction) .وبعد هذه المرحلة تأتي مرحلة ترسبات المواد الدهنية والكلسية التي تؤدي إلى إنسداد الشريان جزئيا أو كليا، لذلك فإن تأثير عوامل الخطورة المعروفة مثل مرض إرتفاع الضغط الشرياني ومرض السكري والدهنيات والبدانة وقلة الحركة يبدأ أولا في الأوعية الشريانية الصغيرة، لأنها أصغر حجما وأقل خطرا من الشراين الأكبر ومن ثم ينتشر المرض الى الأوعية الدموية الأكبر فالأكبر حجما .
لذلك فعندما نكتشف أن المريض بدأ يعاني من إضطربات في الإنتصاب فهذا يعتبر مؤشر خطر على إمكانية أن يصاب مستقبلا بأمراض القلب والشرايين الأخرى، ولذلك علينا محاربة هذا المرض في مراحله الأولى قبل أن يمتد وينتشر في الأوعية الدموية الأخرى.  ولذلك أيضا يجب أن ندق ناقوس الخطر عندما يتكلم المريض أمامنا كأطباء عن مشاكل جنسية مشابهة، وأن نعمل بكل الوسائل لمحاربة عوامل الخطورة التي نعرفها جيدا وأجراء الفحوصات المخبريه والسريرية اللازمة لمكافحة ذلك. وقد أكدت دراسات متعددة جديدة الأرتباط الوثيق بين وجود إضطربات في الأنتصاب عند الرجل وبين خطر الأصابة المستقبلية بمشاكل الأوعية الدموية (ذبحات قلبية وقصورفي عضلة القلب ، جلطات دماغية ، مشاكل شرايين الأطراف) وزيادة الوفيات الناتجة عن تلك الأمراض وأن الخطر يزداد كلما زادت أهمية وخطورة المشاكل الجنسية عند هؤلاء الرجال ،حيث أنهم يدخلون أكثر إلى المستشفيات بسبب مشاكل في القلب والشرايين أو يتوفون باكرا نتيجة أزمات قلبية أو جلطات دماغية . في المقابل نلاحظ أن أكثر من 42% الى 75% من المرضى الذين يعانون من مشاكل في القلب والشرايين يعانون من مشاكل في الأنتصاب .ولذلك يجب على كل طبيب قلب أن يسأل مريضه عن هذه المشاكل في كل معاينة طبية تهدف لعلاج مرض تصلب الشراين .
* طبيب قلب تدّخلي – رئيس جمعية عطاء بلا حدود وملتقى حوار وعطاء بلا حدود 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى