إغترابانتخابات 2022سياسة

قراءة أولية في انتخابات غير المقيمين : الحريري هو الناخب الأقوى(حكمت عبيد)

 

حكمت عبيد – الحورنيوز خاص

ساهم غير المقمين في الاستحقاق الانتخابي من خلال الإحجام عن المشاركة أو المشاركة، فكلا العمليتين له دلالته وأبعاده.

في الاحجام عن المشاركة، يبدو جلياً أن نسب عالية جدا من المحجمين فضّلوا عدم الإكتراث للإنتخابات، ويكفي للإستدلال على ذلك أن نلحظ نسبة المسجلين على اللوائح الراغبة بالإقتراع من نسبة المقيمين في الخارج، أكانوا منتشرين ( اندمجوا بالكامل بالمجتمع المضيف) أو مغتربين (لا زالت تربطهم أواصر وثيقة بالوطن).

إن هذه النسبة (نسبة المسجلين من غير المقيمين) على ما نعلم، لم تتجاوز العشرة في المئة في بعض الدول (الاميركيتين واستراليا وبعض الدول الأوروبية) وفي أحسن الأحوال يمكن تقديرها بنحو العشرين الى الثلاثين في المئة في دول أخرى (اسيا والعالم العربي والاسلامي).

نسبٌ متدنية جدا ومردًها، بطبيعة الحال، الى أسباب عدة منها، على سبيل المثال لا الحصر:

  • عدم الحماسة للإنتخابات في ظل النظام الطائفي، أو في ظل القانون الحالي الذي يعزز الشعور بالمذهبية، وهو أمرٌ تجاوزه المغتربون الذين يعيشون في بلدان يشعرون فيها بنعمة المواطنة وحكم القانون.
  • عدم القدرة على المشاركة لإكتسابهم جنسية البلد المضيف، فبعض البلدان تشترط على من اكتسب الجنسية الوطنية أن يتخلى عن جنسيته الأصلية.
  • عدم بروز قوى تغييرية فعليه، ذات بعد وعمق وطنيين، لا ارتباطات خارجية ولا تمويل ولا ايحاءات من خلف الحدود ولا أوراق اعتماد!

أما عن المشاركة الفعلية، فإن القراءة الدقيقة والنهائية لا تستقيم إلا مع فتح صناديق الإقتراع المركونة في المصرف المركزي مع نهاية عمليات الاقتراع في 15 الجاري.

وبما توفر من معطيات من خلال بعض الماكينات الانتخابية فيمكن تسجيل الملاحظات التالية:

  • إن أعلى نسبة إقتراع للدوائر المختلفة في مختلف القارات، بإستثناء العالم العربي، كانت في الدوائر ذات الغالبية المسيحية، يليها الدوائر المختلطة، والنسبة الأدنى في الدوائر ذات الغالبية السنية.
  • تدل هذه المؤشرات على أن الاحتدام السياسي والإنتخابي كان بالدرجة الأولى بين الأحزاب المسيحية، وقد تجسد هذا الاحتدام في العديد من الاشكالات بلغت حد التطاول بالأيدي. وفي النسب التي أظهرتها بعض الأرقام: ( بيروت الأولى اقترع ما نسبته 51 من المسجلين البالغ عددهم 9.647) تلتها الشمال الثالثة فدائرة جبل لبنان الأولى.
  • إن نسب الاقتراع المرتفعة في دول أفريقية لا تعني أن عدد المقترعين كبير، فغالبية الدول لم يتجاوز عدد المسجلين الألف ومن اقترع منهم لا يزيد عن 30 بالمئة (تتراوح الأعداد بين 250 مقترع الى 400 مقترع بإستثناء ابيدجان ونيجيريا).
  • إن أحجام أبناء الطائفة السنية عن المشاركة لم ينتج عن “إحباط” أو يأس بالضرورة، بل كان ناتجاً عن تعاطف وتضامن مع مواقف الرئيس سعد الحريري، فنسب التسجيل للإقتراع كانت آخذة بالتصاعد مع بدء التسجيل، لاسيما في الدول الخليجية، ثم تباطأت، فور اعلان موقف الرئيس الحريري من الانتخابات، ومن هذه النسبة اقترع ما لا يتجاوز العشرين بالمئة وفق تقديرات أولية.

تظهر الأرقام الأولية أن الناخب الأقوى في الخارج كان الرئيس سعد الحريري، وهو ما يتوقعه البعض في الداخل، حيث تشير الإحصاءات والمؤشرات الى ضعف لوائح الرئيس السنيورة المدعومة من المملكة العربية السعودية ويخوض سفيرها المعركة وكأنها معركة سعودية صرفة، بالمال وعقد الاجتماعات والضغط المباشر على بعض المرشحين وتقديم الاغراءات لهم، كل ذلك من أجل الخروج من المعركة بماء الوجه ، ولو بنائب واحد.

والسؤال الكبير هنا: ماذا لو فشلت السعودية التي وضعت رصيدها السياسي كله في سلّة القوات اللبنانية، كمن يصب الماء في وعاء مثقوب؟ والى أي حد سيتراجع دورها داخل لبنان؟

إن الإحجام كان سياسياً وصرخة بوجه السلطة بجناحيها الحاكم والمعارض اللذين يؤلفان وجهين لنظام طائفي واحد تقاسما المحاصصات سابقا، وسيتقاسمانها لاحقا.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى