قالت الصحف: ليل الإشتباكات والإتصالات!
الحوارنيوز – خاص
بين أخبار الشوارع وتفلتها على قاعدة الإصطفافات المذهبية والطائفية وبين التخبط في أسهم بورصة الأسماء المرشحة لتولي حكومة التكنوسياسية الموعودة، توزعت افتتاحيات الصحف صباح اليوم الأربعاء الواقع فيه 26 تشرين الثاني 2019
صحيفة "النهار" عنونت:" باسيل يروج للخطيب وحزب الله يتحفظ" وكتبت تقول: هل تستمر مرحلة تصريف الأعمال طويلاً في ضوء العجز المتفاقم عن تحقيق اختراق في انتظام عمل المؤسسات وإدارة شؤون البلاد، ولجوء أهل السلطة الى الشارع عبر مناصريهم، في خطوات تؤكد الارتباك، والعجز عن مواجهة الشارع المقابل بالحجة والمنطق؟ بعد عناصر الشغب التابعة لـ"حزب الله" و"أمل" في غير منطقة، تحرّك في اليومين الأخيرين محازبو "التيار الوطني الحر" بإيعاز واضح لملاقاة ساحات الحليف، وعدم تحويل المواجهة شيعية فقط مع باقي الطوائف. وقد بدأت عمليات الاستفزاز والمواجهات في أكثر من منطقة مسيحية كانت آخرها مساء أمس بكفيا، حيث منع مناصرو الكتائب وفداً سياراً من "التيار" من التوجّه الى أمام منزل الرئيس سابقاً أمين الجميل، وحصلت مواجهات وتكسير سيارات.
سياسياً، الرهانات سقطت، المحاولات فشلت، والأسماء تحرق تباعاً. لم ينجح الرهان على قبول الرئيس سعد الحريري مجدداً بترؤس حكومة تكنوسياسية، على رغم كل ما أشيع عن ضغوط خارجية وداخلية مورست عليه. فالحريري الذي كان أبلغ رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي عدم رغبته في ترؤس الحكومة وفق شروط لا يقبلها، منذ أسبوعين، تابع التفاوض حتى لا يتهم بأنه تهرّب من المسؤولية كما أُتهم أمس بعدما خرج ببيان إعلامي يعتذر فيه عن قبول التكليف فيما لو حصل. وهذا البيان أربك الرئاستين الأولى والثالثة، ومعهما "حزب الله" أكثر من أي وقت مضى. فالرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل الميّالين الى إقصاء الحريري، رضخا لإرادة الثنائي الشيعي المتمسك به لعدم "تلقّف كرة النار وحدهم من دون الحريري وجنبلاط وجعجع" في المرحلة المقبلة المليئة بتحديات لم يواجهها البلد حتى في عزّ أيام الحرب.
واذا كانت أجواء بعبدا أوحت بأن الاسم البديل جاهز، وبأن الاستشارات ستنطلق غداً الخميس، وربما استكملت في يوم واحد، فان البيان الذي يؤكد الموعد تأخر صدوره، والسبب الشكلي استكمال الاتصالات مع الكتل والنواب ومنهم من هو خارج البلد ولكن تبيّن أن وراء التأخير مساعي مساع اضافية للاتفاق مع الرئيس الحربري على اسم سمير الخطيب كمرشح توافقي بديل منه. كما ان "حزب الله" لم يكن قد اعطى جواباً نهائياً عن ترشيح الخطيب، وكان يستكمل اتصالاته.
وأكد مصدر وزاري في بعبدا ان الاستشارات ستجرى، إن لم يكن الخميس، فالجمعة أو نهاية الأسبوع وليس هناك تأخير بل عملية تقويم. والمهم تحقيق عملية التقاطع مع بعض الاسماء التي تنال دعم الحريري في الحكومة مثل سمير الخطيب ووليد علم الدين وأسامة مكداشي، بعد سقوط خيار الوزير السابق بهيج طبارة الذي رفض الاملاءات والشروط التي طرحت عليه.
وتحت عنوان:" هل يحرق الحريري الخطيب؟ كتبت صحيفة الأخبار تقول" : حتى الآن، يبدو أن كل الإشارات تصبّ في إطار تسمية سمير الخطيب لتشكيل الحكومة. لكن، إلى حين بدء الاستشارات النيابية الجمعة أو السبت، لا ثقة من 8 آذار بالموقف الحريري. سبق أن جربوه، عندما طرح اسمي محمد الصفدي وبهيج طبارة، ثم تراجع عنهما "في الشارع"
على وقع التوترات الشعبية، التي نجح مفعولها في تشتيت الانتباه عن المطالب المحقة للمنتفضين منذ 45 يوماً، انتهت فترة السماح التي أعطاها رئيس الجمهورية للرئيس سعد الحريري ليحدد خياره. بعد بيان الأخير الذي حسم فيه مسألة رفضه تشكيل الحكومة، وتمسكه بقاعدة "ليس أنا، بل أحد آخر"، لم يعد من داع لانتظاره أكثر. لذلك، سرعان ما بدأت دوائر بعبدا التحضير لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة. كان يفترض أن يكون الموعد الخميس (غداً)، إلا أن التشاور مع الكتل النيابية أفضى إلى تأجيلها ما بين 24 و48 ساعة، أي إلى الجمعة أو السبت. إذ أن الكتل ليست كلها جاهزة، وعدداً من النواب لا يزال خارج البلاد، أضف إلى ذلك وجود تعديلات في أسماء أعضاء الكتل وأسماء النواب المستقلين. كما أن معظم الكتل لم تحسم اسم مرشحها لرئاسة الحكومة، في انتظار تبلور الأمور أكثر.
لكن، بحسب مصادر بعبدا، فإن هذه المهلة لن تذهب سدى، وستكون مناسبة لمزيد من التشاور في شأن المرحلة المقبلة. لا اسم محسوماً بعد، لكن من الأسماء التي طرحت خلال اليومين الماضيين، يبدو أن اسم المدير العام لشركة "خطيب وعلمي" سمير الخطيب هو الأكثر ترجيحاً، بعدما تبيّن أن لا فيتو من أحد على اسمه. فهو على علاقة "مميزة" مع الحريري الذي سمّاه، كما أن اسمه مقبول من قوى 8 آذار، وهناك قبول دولي به، لا سيما من السعودية. لكن مع ذلك، ثمة في 8 آذار من يرى أنه لا يمكن التسليم بموقف ثابت للحريري، إلى حين إجراء الاستشارات. فهؤلاء لديهم تجربة مع الحريري الذي سبق أن طرح اسمي محمد الصفدي ثم بهيج طبارة، بعد أن التقاهما وأبلغهما أنه سيسمّيهما لرئاسة الحكومة، ثم قام هو نفسه بحرق اسميهما عبر الشارع. لذلك، تخشى قوى 8 آذار من تكرار الأمر نفسه مع الخطيب. وما زاد الخشية من هكذا سيناريو هو البيان الذي صدر مساء عن المكتب الإعلامي للحريري. وجاء فيه: "مع احترامه لجميع الأسماء المطروحة، إن خيار الرئيس الحريري سيتحدد مع الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة ويعلن في بيان صادر عنه، وما عدا ذلك لا يتعدى محاولات سئمها اللبنانيون لإحراق أسماء أو الترويج لأخرى". كذلك كان لافتاً ما قاله مستشار الحريري الوزير السابق غطاس خوري، لناحية اعتباره أن "قرار المشاركة في الاستشارات يقرر لاحقاً".
وكان الرئيس نبيه بري قد أشار، تعليقاً على الاسم الذي سيكلّف تشكيل الحكومة، إلى أن "لا اتفاق نهائياً حتى الآن، وكان هناك قبول ببعض الاسماء تقابله محاولات لاحراقها كما حصل مع الوزير السابق محمد الصفدي". أما بشأن طبارة، فعلمت "الأخبار" أنه أبلغ بري "ظهر يوم أمس أنه سيعتذر عن التكليف".
صحيفة "الجمهورية" عنونت:" محرقة الأسماء في غياب الغطاء السني .. وصدامات متنقلة تهدد السلم الأهلي" وكتبت نقول:" بعد أربعين يوماً من المشاورات والخلافات والمناكفات حول الاستحقاق الحكومي تكليفاً وتأليفاً على وقع حراك شعبي قضّ ولا يزال يقضّ مضاجع الطبقة السياسية والسلطة عموماً، خرج رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري باعتذار عن تكليف وتأليف لم يعلنا رسمياً بعد، وترك الباب مفتوحاً أمام احتمال عودته رغم المواقف السلبية الإتهامية التي ساقها في كلّ الإتجاهات في بيان الإعتذار. ويبدو أنّ الاتصالات ستنشط اليوم تحذيراً لتوجيه الدعوة الى الإستشارات النيابية الملزمة، مركّزة الى حين تحديد الموعد على أنّ اختيار اسم من مجموعة أسماء طرحت بقوة أمس قبل اعتذار الحريري وبعده، في وقت يستمر الحراك الشعبي في بيروت والمناطق يتخلله مزيد من الإشكالات ما استدعى اجتماعاً للقادة الأمنيين أمس خرج بقرارات تشدّد على حماية سلمية الحراك في الساحات وعلى جوانب الطرق، مع تشديد على عدم إقفال هذه الطرق. فيما حصلت ليلاً صدامات متنقّلة بين محازبين، توزّعت بين الشياح – عين الرمانة وبعبدا وبكفيا وطرابلس، لجمها تدخّل الجيش والقوى الأمنية، وسقط خلالها عددٌ من الجرحى.
وفي الأربعين استوى الحريري على عرش العزوف عن التكليف والتأليف على قاعدة "ليس أنا، بل أحد آخر"، رادّاً الاتهام عنه بأنه تصرّف على قاعدة "أنا او لا أحد" و"أنا ولا أحد"، ومؤكداً انّ اللبنانيين "يعرفون من هو صاحب هذا الشعار قولاً وممارسة".
وردّ الحريري في بيان العزوف ما يمنع البدء "بمعالجة" الازمة الوطنية الكبيرة الازمة الاقتصادية الجادة، هو حال الانكار المزمن الذي تمّ التعبير عنه في مناسبات عدة طوال الاسابيع الماضية"، وقال: "انّ حالة الانكار المزمن بَدت وكأنها تتخذ من مواقفي ومقترحاتي للحل ذريعة للاستمرار في تعنّتها ومناوراتها ورفضها الاصغاء لأصوات الناس ومطالبهم المحقة". ولفت الى انه عندما أعلن انه لا يرى الحل إلّا بحكومة اختصاصيين وترشيح من يراه مناسباً لتشكيلها، ثم تبنّى الترشيح تلو الآخر لمَن من شأنه تشكيل حكومة تكنو-سياسية ووجه "بأنني اتصرّف على قاعدة "أنا أو لا احد" ثم على قاعدة "أنا ولا أحد"، علماً أنّ اللبنانيين يعرفون من هو صاحب هذا الشعار".
واعتبر انّ "اتهامه بالتردد كان لتحميله المسؤولية عن تأخير تشكيل الحكومة الجديدة". وأعلن: "انني متمسّك بقاعدة "ليس أنا، بل أحد آخر" لتشكيل حكومة تحاكي طموحات الشباب والشابات والحضور المميز للمرأة اللبنانية التي تصدّرت الصفوف في كل الساحات، لتؤكد جدارة النساء في قيادة العمل السياسي وتعالج الأزمة". وأمل أن يبادر رئيس الجمهورية فوراً إلى الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة، لتكليف رئيس جديد بتشكيل حكومة جديدة.
وكان السيناريو الذي سبق بيان العزوف بدأ بلقاء الحريري مع المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" الحاج حسين خليل، حيث اقترحا عليه اسم الوزير السابق بهيج طبارة لتكليفه تأليف الحكومة (علماً أنّ هناك خلافاً بين الحريري وطبارة الذي خرج من تيار "المستقبل"). وبناء عليه التقى الحريري طبارة وطرح عليه بعض المسائل، فردّ الاخير بأنه سيدرسها ويعود اليه. ثم التقى طبارة "الخليلين" اللذين طرحا عليه نقاطاً معينة، غير انه لم يوافق عليها.
بعد ذلك حصل لقاء بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وطبارة الذي أبلغ اليه انه لا يستطيع القبول بالتكليف لعدم حصوله على غطاء الحريري. وبنتيجة ما حصل، أبدى بري انزعاجه معتبراً انّ 90 في المئة من مطالب الحريري تمّت تلبيتها، وسأل: "ماذا يريد أكثر؟". وأعلن انّ الاسماء لم تعد تهمّه.