سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف: قراءة في معالم الحكومة المقبلة وتقدير العقبات التي تواجه تأليفها

 

الحوارنيوز – خاص
ينتظر اللبنانيون ولادة الحكومة وإن كانت الغالبية المستقلة من اللبنانيين قد فقدت الأمل من القوى السياسية الحاكمة ومن أحزاب النظام الطائفية.
وهكذا، حاولت صحف اليوم أن تقرأ في مشهد "الويك اند" السياسي لتلمس حقيقة لمفاوضات بين الرئيس المكلف  والرئيس العماد ميشال عون، ويبدو أن العقدة الأبرز، بحسب ما تقاطع الصحف، هي ما يمكن تسميته بالعقدة المسيحية.
ماذا في التفاصيل؟
• "صحيفة النهار" عنونت:" مباحثات بعبدا السرية .. أيام مفصلية لموعد الولادة" وكتبت تقول:" لم تكن مسارعة مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية الى اصدار بيانين متعاقبين السبت والأحد ‏يكذب فيهما التسريبات المنسوبة الى مصادر بعبدا او مقربين منها حيال عملية تأليف الحكومة ‏والكثير من التفاصيل المزعومة في صددها، الا مؤشر واضح حيال مستوى الجدية الكبيرة التي تدور ‏في ظلها المباحثات "السرية" منذ 72 ساعة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة ‏المكلف سعد الحريري. ومع ان الحكم على مجريات اللقاءات التي اطلقتها دينامية سريعة وحيوية ‏اطلقها الرئيس الحريري فور انتهائه من اجراء الاستشارات النيابية في مجلس النواب مساء الجمعة ‏الماضي، قد يشكل وحده عامل تسرع في تقدير النتائج، فلا يمكن في المقابل تجاهل المعطيات ‏التي تظهر تبدلا واضحا في مسار الأمور والاستعجال الى تجاوز العقبات التي بدأت تبرز وسيتوالى ‏ظهورها تباعا في طريق تأليف الحكومة، ولكن هذه المرة وسط مناخ مختلف من التكتم والصمت ‏الشديدين اللذين يبدو واضحا ان الرئيسين عون والحريري قررا فرضهما على مسار المباحثات ‏المتصلة بالتأليف. وبعدما كان الرئيس الحريري اكتفى عصر السبت بوصف لقائه والرئيس عون بانه ‏إيجابي ولم يستفض بكلمة أخرى، فعل القصر الجمهوري الامر نفسه امس ببيان مقتضب تحدث عن ‏تقدم الامر الذي وضع عملية التأليف في مكانة وسطية، وفق ما اكدت معلومات جهات واسعة ‏الاطلاع على المجريات الحاصلة بين التأليف السريع المحتمل والعقبات التي تحول دون تأليف سريع ‏بمعنى ان النسبة تتوزع مناصفة بين هذين الاحتمالين. وابرز الحريري في أي حال اتجاها واضحا الى ‏ضرب حديد التأليف وهو حام عقب انتهاء الاستشارات، فعقد السبت والأحد اجتماعين طويلين مع ‏رئيس الجمهورية وأفاد بيان رئاسة الجمهورية امس انهما تداولا ملف تشكيل الحكومة الجديدة "وقد ‏سجل تقدم في هذا المجال". ولم تشأ أوساط الرئيس المكلف زيادة أي معطيات على هذا البيان ‏وقالت ان ليس هناك زيادة على ما صدر في البيان الرسمي الصادر عن بعبدا‎ .


اما المعطيات القليلة التي رشحت عن الاجتماع الذي عقد امس في بعبدا بين الرئيسين عون ‏والحريري فأشارت الى ان هذا الاجتماع الثاني بينهما خلال 24 ساعة عكس الرغبة المشتركة في ‏الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة كما عكس الإيجابية السائدة في بحثهما المشترك في ‏تفاصيل الملف الحكومي . وعلم ان التقدم الذي اشارت اليه المعلومات الرسمية عن الاجتماع يمثل ‏إشارة واضحة الى سعي مشترك من الرئيسين عون والحريري لحل العقد القائمة امام التشكيلة ‏الحكومية المتصلة بعدد أعضاء الحكومة وتوزيع حقائبها ومعايير التوزير والمداورة في الحقائب ‏السيادية والخدماتية الأساسية. ووفق المعلومات فان عون والحريري لا يريدان أي تشويش على ‏سعيهما الحثيث الى تذليل العقبات امام عملية تأليف الحكومة وعلى شراكتهما في عملية ‏التشكيل‎.


أسبوع مفصلي؟‎
وترصد الأوساط السياسية حركة الحريري في الساعات والأيام القليلة المقبلة مع مختلف القوى ‏السياسية باعتبار ان الأسبوع الحالي سيشكل نقطة الانطلاق المحورية والأساسية لتكوين معالم ‏الحكومة وتوفير الارضيّة السياسية لولادتها وسط معطيات لا تستبعد ولادة هذه المرة اسرع مما ‏يظن كثيرون، والا فان المسار سيصطدم بمعوقات خطيرة في حال التأخر والمماطلة مجددا او افتعال ‏العراقيل. وتحدثت معلومات مستقاة من جهات سياسية متابعة للمجريات الحكومية عن وضع عملية ‏التأليف على نار حامية وسط معطيات لا تمنع ابدا توقع ولادة الحكومة قبل موعد الانتخابات الرئاسية ‏الأميركية بمعنى ان انطلاق مسار التوافق اذا توافرت معالمه بالكامل لن يوقفه أي تطور خارجي بعد ‏الان. ولكنها لفتت الى امكان ان يكون الرئيس الحريري قد بدأ يواجه من الرئيس عون باشتراطات ‏ومطالب مغايرة لتصوراته الامر الذي يتعين مراقبته بدقة في الأيام المقبلة. وتقول هذه الجهات ان ‏ثمة عناوين مهمة بات هناك اتجاها واضحا لدى القوى التي ايدت تكليف الحريري الى التسليم ‏بحكومة اختصاصيين التي تعهد الحريري تأليفها بل وإضافة عبارة من ذوي الخبرات الى صفة الوزراء ‏الاختصاصيين الذين لا ينتمون الى أحزاب. ولكن هذا الاتجاه يقابله اتجاه آخر الى التوافق بين القوى ‏المعنية والحريري على مساهمة هذه القوى في تسمية واختيار الوزراء المتخصصين بما يحقق ‏التوافق المتوازن بين هدف الحريري وتعهداته وحقوق القوى السياسية في المشاركة لتوفير الدعم ‏السياسي للحكومة. وتشير هذه الجهات الى ان هناك اتجاها غالبا لاقناع الحريري بتأليف حكومة لا ‏تقل عن عشرين وزيرا‎ .

• صحيفة "الاخبار" كتبت:" لا مكان بين السياسيين حالياً لغير التفاؤل بتأليف حكومة سريعاً. غالبية ‏العقد حُلت أو تكاد، لكن تبقى مسألة التمثيل المسيحي. حساسية المسألة ‏مرتبطة بحساسية العلاقة بين سعد الحريري وجبران باسيل، لكن ثمة من ‏يؤكد أن تلك لن تكون عقبة ما دام رئيس الجمهورية يمثّل "ضمانة مسيحية‎."‎
حركة سعد الحريري توحي بأنه مستعجل التأليف، كما سبق أن أعلن في البيان الذي تلاه بعد تكليفه. الخميس كُلّف، ‏والجمعة أجرى الاستشارات النيابية، والسبت والأحد التقى رئيس الجمهورية. رغم التكتّم الشديد وبيانات التوضيح، إلا ‏أن الأجواء إيجابية. في لقاء السبت، جرى الاتفاق على حكومة عشرينية، لا مصغّرة. مبدأ إدارة وزير واحد لأكثر من ‏وزارة بدا غير عملي بالنظر إلى تجربة الحكومة المستقيلة. وبالرغم من أن ذلك اللقاء لم يتطرق إلى آلية التأليف، لكن ‏الحريري أبلغ عون حرصه على التفاهم معه على كل شيء. لم يرشح الكثير عن لقاء أمس، لكن مجرد انعقاده بهذه ‏السرعة أوحى أن أمور التأليف تتقدم، وهو ما أكده المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية أمس. وإذ خرجت كلمة من ‏القصر الجمهوري، فإن بيت الوسط يفرض تكتّماً شديداً على اللقاءات التي يجريها ونتائجها‎.


مع ذلك، فإن الحديث عن تأليف سريع يزداد حضوراً في الأوساط السياسية. لا أحد يتعامل مع يوم التكليف ‏بوصفه اليوم الأول لانطلاق قاطرة التأليف. الحريري بدأ التأليف فعلياً لحظة تكليف مصطفى أديب. وإلى أن ‏اعتذر الأخير، كان الحريري قد قطع شوطاً كبيراً. الكثير من الإشكاليات والعقبات ذُلّل في تلك الفترة، وهو ‏يستكمل عمله بناءً على ما وصل إليه من نتائج، خاصة أنه يعرف تماماً مطالب كل طرف. وعلى سبيل المثال، لم ‏تعد فكرة الحكومة المصغرة التي سبق أن أصرّ عليها الحريري عبر أديب مطروحة، كما لم يعد التأليف من دون ‏الأخذ برأي مختلف الكتل مطروحاً. وكذلك لم تعد مسألة وزارة المالية، التي استهلكت وقتاً طويلاً من مساعي ‏‏"التأليف الأول"، مطروحة في "التأليف الثاني". حتى مسألة الحصة الدرزية اتفق عليها قبل التكليف الثاني. لم ‏يعد يبقى سوى معالجة مسألة الحصة المسيحية، وتلك هي الأكثر تعقيداً. على ما يبدو، فإن الجميع سلّم بواقع أن ‏رئيس الجمهورية سيكون هو المعني بتسمية العدد الأكبر من هذه الحصة، إضافة إلى تمثيل تيار المردة والقومي ‏والطاشناق. وفيما سبق أن أكد النائب جبران باسيل للحريري، خلال الاستشارات، أنه يؤيد ما يتفّق عليه مع ‏رئيس الجمهورية، إلا أن القلق من تفجير الموقف لا يزال قائماً، بالنظر إلى التعقيدات والحساسيات الموجودة أو ‏التي يمكن أن تطرأ‎.‎

باسيل لا يزال في انتظار أن يضع الحريري "قواعد التأليف ليبنى على الشيء مقتضاه". الجيد، في رأي قيادة ‏التيار، "هو الاتفاق على أن أسماء الوزراء يجب ان تحوز موافقة رئيس الجمهورية. الأجواء عموماً إيجابية لكن ‏الخشية تكمن في شيطان التفاصيل. على الأغلب الحريري متّجه صوب حكومة تكنو سياسية ليس بمعنى تقسيم ‏الوزراء بين سياسيين واختصاصيين، ولكن باختصاصيين مدعومين من أحزاب، رغم أن البعض قد يتشاطر ‏بالترويج للأمر على أنه حكومة اختصاصيين‎".

الراعي: المداورة الشاملة‎
في سياق متصل، دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي الرئيس المكلف إلى "تخطّي شروط الفئات السياسية ‏وشروطهم المضادة، وتجنّب مستنقع المصالح والمحاصصة وشهية السياسيين والطائفيين، فيما الشعب منهم ‏براء". وتوجه إليه بالقول: "التزم فقط بنود الدستور والميثاق، ومستلزمات الإنقاذ، وقاعدة التوازن في المداورة ‏الشاملة وفي اختيار أصحاب الكفاية والأهلية والولاء للوطن، حيث تقترن المعرفة بالخبرة، والاختصاص ‏بالاستقلالية السياسية". وحذر من "الاتفاقيات الثنائية السرية والوعود، فإنها تحمل في طياتها بذور خلافات ‏ونزاعات على حساب نجاح الحكومة". وقال الراعي: "لا تضع وراء ظهرك المسيحيين، تذكر ما كان يردّد ‏المغفور له والدك: البلد لا يمشي من دون المسيحيين". واعتبر أن الحريري، "خلافاً لكل المرات السابقة، أمام تحدّ ‏تاريخي وهو إعادة لبنان إلى دستوره نصاً وروحاً، وإلى ميثاقه، وإلى هويته الأساسية الطبيعية كدولة الحياد ‏الناشط، أي الملتزمة ببناء سيادتها الداخلية الكاملة بجيشها وقواها العسكرية، والقائمة على سيادة القانون والعدالة، ‏والممسكة وحدها بقرار الحرب والسلام، والمدافعة عن نفسها بوجه كل اعتداء خارجي بجيشها وقواها الذاتية، ‏والفاصلة بين الحق والباطل". ودعا إلى "العجلة في تشكيل الحكومة، لكن ليس على قاعدة: من مشى مشى، ومن ‏لم يمش يبقى خارجاً‎".‎

• صحيفة "الجمهورية" عنونت:" حكومة خلال أيام وإلا الدخول في نفق مظلم .. ومطالب تنتظر أجوبة الحريري" وكتبت تقول:" تُهيمن المناخات الإيجابية على ما عداها من أجواء سياسية وكأنّ ‏التأليف حاصل في غضون أيام، فلا عرقلة ولا شروط وشروط مضادة ‏ولا "فيتوات" وجميع الأطراف يريدون التسهيل والتعاون. ولكن، ‏تأسيساً على التجربة اللبنانية، فإنّ المناخات التفاؤلية نفسها التي ‏تشهدها البلاد اليوم كانت تواكب الأيام الأولى لكل تأليف بعد التكليف ‏مباشرة، وعندما يبدأ البحث في التفاصيل تخرج التعقيدات الواحدة تلو ‏الأخرى، بدءاً من الأحجام التمثيلية، وصولاً إلى الحقائب الوزارية، ولم ‏يسبق أن تألفت حكومة إلّا بعد فراغ طويل يتخلله مشادّات ‏وانقسامات ومواجهات وتسخين سياسي.‏

ومواكبة للأجواء التفاؤلية بدأ الحديث عن تأليف يسبق الانتخابات ‏الأميركية في 3 تشرين الثاني، وذلك في ظل ما يسرّب عن مسودة ‏وضعها الرئيس المكلف سعد الحريري، وانه توافق مع القوى ‏السياسية على اختيار وزراء من أصحاب الاختصاص وغير حزبيين، وان ‏تسميتهم لن تشكل استفزازاً وخلافاً مع هذه القوى، وانه في حال ‏استمرت هذه المناخات فإنّ الرئيس المكلف سيكسر رقماً قياسياً لجهة ‏سرعة تأليف الحكومات في لبنان.‏
‏ ‏
وفي السياق نفسه، هناك من يقول انّ السرعة في التأليف مردها إلى ‏‏3 أسباب أساسية: خطورة الأزمة المالية، الاستفادة من الدعم الدولي ‏وتحديداً الفرنسي، ووضع القوى المعنية بالتأليف الماء في نبيذها من ‏خلال التقاطع في منتصف الطريق تسهيلاً فتأليفاً، لأنّ الأوضاع لم ‏تعد تحتمل، ولا خيار سوى تأليف حكومة سريعاً لفرملة الانهيار، ‏وخلاف ذلك سيكون البلد أمام سيناريوهات كارثية.‏
‏ ‏
وما بين تكليف الحريري، وبين تسريع خطواته من استشارات التأليف، ‏إلى التشاور مع رئيس الجمهورية، إنخفض سعر صرف الدولار في ‏مؤشر ارتياح على مستوى الأسواق. وبالتالي، في حال توِّج هذا المسار ‏بالتأليف فإنّ الوضع سيكون قابلاً نحو التحسُّن، خصوصاً إذا أرفق ‏بإصلاحات سريعة فتحت باب المساعدات الخارجية.‏
‏ ‏
وفي موازاة هذا الجَو التفاؤلي، هناك من يعتبر انّ التأليف غير ممكن ‏أولاً قبل الانتخابات الأميركية، كما انّ الصعوبات ستبدأ ثانياً بالظهور ‏تباعاً، وانّ النيات الإيجابية ستصطدم بشَد الحبال المعهود من خلال ‏سَعي كل طرف إلى نفخ حصّته وانتزاع الحقائب التي يريدها، بين ‏حقائب سيادية وحقائب خدماتية، فضلاً عن انّ الصورة العامة والكبرى ‏تختلف عن الصورة الصغرى والتفاصيل، ولا يكفي الاتفاق على مبدأ ‏التشكيل، لأنّ الخلاف الحقيقي يكمُن في حجم الحكومة واختيار ‏التشكيلة وتوزيع الوزارات.‏
‏ ‏
ولا تقف العراقيل والصعوبات عند طبيعة الحكومات وتوازناتها، إنما ‏تتجاوزها إلى الاعتبارات الإقليمية وتحوّل التأليف صندوق بريد بين ‏الدول، إذ غالباً ما يصطدم التشكيل بقرار خارجي سعياً إلى تفاوض ‏وعدم فَك أسر الحكومة مجاناً، حيث يصعب فصل الوضع اللبناني عن ‏الوضع الخارجي.‏
‏ ‏
ولكن الأكيد أيضاً ان لا العهد في وارد التساهل مع حكومة قد تكون ‏حكومته الأخيرة، ولا "حزب الله" في وارد التساهل في ظل مرحلة ‏مفتوحة على شتّى الاحتمالات والتطورات.‏

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى