سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف: الخطة الإصلاحية تمس الودائع … لا تمس الودائع!

 


الحوارنيوز – خاص
لم تهدأ بعد العاصفة التي حركتها المعلومات غير النهائية عن تضمين خطة الإصلاح المالي التي قدمها وزير المالية غازي وزني لمجلس الوزراء، إقتراحا بإقتطاع نسب معينة من الودائع ومن رؤوس الأموال العائدة للمصارف.
الخطة تتضمن شيئا من هذا القبيل وفق ما نشر في عدة وسائل إعلامية.. والوزير وزني ينفي.فما هي حقيقة الموقف كما عكستها صحف اليوم؟
• صحيفة "النهار" عنونت لإفتتاحيتها:" الثلاثي المعارض ينذر الحكومة في ملف الودائع" وكتبت تقول:" اذا كان العالم بمعظم أنحائه ودوله يعيش مراحل درب الجلجلة رازحاً تحت وطأة كارثة الانتشار الوبائي لفيروس كورونا فإن حلول الجمعة العظيمة أمس على لبنان بدا ذا أثر مزدوج لأن لبنان يعاني تداعيات الأزمتين الصحية والمالية بما جعله يحيي الجمعة العظيمة في أجواء التوجس والحزن والسباق بين التداعيات الصحية والمالية . ومع غياب التحركات والاجتماعات الرسمية والسياسية في عطلة الجمعة العظيمة وغياب المظاهر الاحتفالية في ظل الحجز المنزلي وامتناع الكنائس عن إقامة الزياحات العامة بحيث شارك فيها المؤمنون من منازلهم في تطور نادر تاريخياً فان دورة السياسة تنتظر انتهاء إجازة عيد الفصح بما يعني أن عودة دورة الأمور ستكون يوم الثلثاء المقبل. ولكن إذا كانت التطورات اقتصرت أمس على متابعة عدادات أزمة انتشار كورونا في لبنان فان ذلك لم يحجب تصاعد ملامح التململ والتحذيرات من الأجواء والمعطيات التي سادت في الأيام السابقة حيال الخطة المالية والاقتصادية التي تعكف الحكومة على إعدادها وإنجازها والتي غلب على المشهد من جرائها ملف ودائع اللبنانيين في المصارف مثيراً موجات كثيفة من المخاوف والتوجسات خصوصاً حيال ما تردد بقوة عن الاتجاه إلى اعتماد عمليات "هيركات" وبنسب عالية. والحال أن المفارقة اللافتة التي سجلت في الساعات الأخيرة تمثلت في أن كل التطمينات التي حاولت الحكومة أسباغها على الخطة الجاري العمل عليها وتالياً تبديد المخاوف المتصاعدة من خلال النفي المتشدد لتضمن الخطة اعتماد عمليات "هيركات" ظلت قاصرة عن إشاعة أجواء تخفيفية للمخاوف وللقلق. وإذ لوحظ أن الحكومة بادرت إلى نشر نص الخطة المطروحة للنقاش في مجلس الوزراء باللغة الإنكليزية فإن وزير المال غازي وزني عاود عبر "النهار" مساء أمس التأكيد أن الحكومة تعمل على الحفاظ على أموال المودعين وأن البرنامج لا يلحظ عملية هيركات مشدداً تكراراً على سعي الحكومة لحماية الودائع. وعزا الوزير وزني رفضه المشاركة في دردشة صحافية خصصت لشرح الخطة أول من أمس في انتظار اتضاح معالم البرنامج في شأن إعادة الهيكلة مشيراً إلى أن البرنامج موجه أساساً للدائنين في الدرجة الأولى وللمؤسسات الدولية والدول المانحة.

ولكن مناخات المعارضة للاتجاهات الحكومية بدا كأنها تتوثب بقوة لمواجهة بعض النقاط الأساسية فيها وهو ما ترجمه موقفان بارزان أمس لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع بما يعني أن الطريق لن تكون معبدة بسهولة أمام إقرار الخطة الحكومية في وقت قريب على الأقل. وقد هاجم جنبلاط بعنف الحكومة عبر تغريدة له أمس فقال "هكذا تقوم حكومة اللون الواحد على مصادرة أموال الناس وتصنيفهم ومحاكمتهم وفق معايير غير قانونية وغير دستورية وذلك وفق خط سياسي هدفه إلغاء أي اعتراض وصولاً إلى محاولة تطويع طائفي ومذهبي للإطاحة بالطائف والسيطرة المطلقة على مقدرات البلد لضرب ما تبقى من سيادة أصلا وهمية وشكلية".

وأما جعجع فانتقد بدوره استعجال الحكومة مقاربة الجانب المالي على أهميته قبل إظهار اتجاهات إصلاحية حقيقية . وقال إن الدولة مطالبة سريعاً بتوجيه الحد الأدنى من الإشارات لاستعادة عامل الثقة المفقود قبل أن تمس بجيوب الناس ومدخراتهم ". واعتبر أن "أي خطة إنقاذية لا تبدأ بالإصلاح لا تعني شيئاً".

أما الموقف الأبرز فجاء مساء أمس عبر تغريدة للرئيس سعد الحريري الذي قال "منذ تشكيل هذه الحكومة وهي تعد اللبنانيين والعالم بخطة انقاذ اقتصادية وبناء عليه قررنا فترة سماح في انتظار أن نحكم على الخطة الموعودة .لكن يبدو أنها تتجه إلى خطة انتحار اقتصادي مبنية على مصادرة أموال اللبنانيين المودعة في المصارف. فترة السماح التي أعطيناها لا تعني باي شكل السماح للحكومة ومن يقف خلفها تغيير طبيعة النظام الاقتصادي المصان بالدستور أو وضع اليد على جنى أعمار الناس لتعفي الدولة نفسها من أي مساهمة في الجهد المطلوب من الجميع . وسيكون لنا قريباً كلام آخر اذا لم يتم تدارك الامر ".

• صحيفة "الأنباء" نقلت عن مصادر قانونية قولها:" أنه لا يحق للحكومة تحت أية ذريعة مدّ اليد على ودائع الناس أو أن تلجأ الى اقتطاع قسم منها، فهذا يعني أنها تتخلف عن حماية أموال الناس وتنكث بوعدها لهم، وهذا يعرضها للملاحقة القانونية.

وأوضحت هذه المصادر انه ليس صحيحًا أن دولاً كقبرص وإيطاليا وإسبانيا قد لجأت الى اعتماد هذا الأسلوب، مضيفة "هناك مسؤولون عن هذه الأزمة، وعلى الحكومة أن تكشف عمّن اختلس الأموال وأفلس الخزينة وتقديمه الى المحاكمة واسترجاع هذه الأموال المنهوبة بدلًا من التفكير بالسطو على ودائع الناس مهما كانوا من متوسطي الدخل او من الاغنياء".

وبدا واضحاً أن تسريب الحكومة لخطتها وضعها في مواجهة مع قوى سياسية داخل صفوفها كحركة أمل، وتمتد لتشمل المودعين على اختلاف حجم ودائعهم، إلى الأحزاب المعارضة، إلى نقابات المهن الحرة، وإلى كل المنتسبين لصناديق التعاضد او التعويضات او الضمان الاجتماعي، أي أن الحكومة ستكون في مواجهة مع جبهة سياسية نقابية شعبية عريضة جدا، فيما كان افضل لها لو ملكت نية المعالجة أن تسلك أقصر الطرق لذلك، والتي تبدأ من ملف واحد أوحد: الكهرباء.
• وتحت عنوان:" طريق الورقة الإصلاحية غير آمنة في البرلمان من دون تعديلات جوهرية" كتبت صحيفة "الشرق الأوسط" تقول:" يقول مصدر سياسي بارز إن الطريق لن تكون آمنة أمام الورقة الإصلاحية الإنقاذية في المجلس النيابي في حال لم تدخل عليها تعديلات جوهرية في مجلس الوزراء الذي يناقش حالياً المسودة الأولية التي أُحيلت إليه، خصوصاً أن المعلومات متضاربة حول الجهة التي أعدتها وما إذا كانت اقتصرت على "لازار" المستشار المالي للحكومة ومعها عدد من المستشارين بالنيابة عن الوزراء المعنيين.
ويسأل المصدر السياسي الذي يتموضع في منتصف الطريق بين المعارضة والموالاة، عن الدوافع التي أمْلت على الأطراف المشاركة في الحكومة عدم التعليق حتى الآن على مضامين المسودة الإصلاحية مع أن مجرد المس بودائع المودعين سيلقى معارضة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي يؤكد باستمرار أنها من المقدّسات ولن يسمح باستهدافها.


كما يسأل عن موقف وزير المال غازي وزني من اقتطاع نسبة من ودائع المودعين في المصارف، بذريعة أن هناك ضرورة لتوزيع الخسائر وقيمتها أكثر من 83 مليار دولار بين المودعين والمصارف واسترداد الأموال المنهوبة؟ وهل يوافق على هذا التدبير الذي يتناقض كلياً مع توجّهات الرئيس بري الذي كان وراء تسميته لشغل منصبه.


ويلفت لـ"الشرق الأوسط" إلى أن هناك ضرورة لاستقراء موقف القوى السياسية الموالية من المسودة الإصلاحية قبل السؤال عن رد فعل قوى المعارضة التي سترفضها بصيغتها الراهنة لأنها تشكل انقلاباً على النظامين المصرفي والمالي وتهديداً للودائع من دون أي تعويض. وقال إن مجرد تسريب الورقة الإنقاذية قوبل بتبادل الاتهامات بين عدد من الوزراء، وبعضهم من اطّلع على تفاصيلها عبر وسائل الإعلام.

ويقول إن مسودة الورقة الإنقاذية تضمّنت مجموعة من النقاط الخلافية التي يُفترض في حال تقرر الإبقاء على بعضها أن تؤدي إلى اشتباك سياسي بين أهل "البيت الواحد" في الحكومة. وسأل: لماذا الإصرار على تحديد قيمة الخسائر قبل الانتهاء من التدقيق في حسابات وأصول مصرف لبنان؟ وما الجهة التي ستتولى النظر فيها؟
ويؤكد المصدر نفسه أن المسودة الإصلاحية وإن كان مَنْ وضعها يدّعي أنها "صُنعت في لبنان" فإنها تعترف من دون مواربة بأنْ لا حل للأزمة المالية – الاقتصادية إلا بالعودة إلى "صندوق النقد الدولي"، وهذا ما أكده لاحقاً رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، شرط عدم الرضوخ لشروط الصندوق، وذلك رغبةً من باسيل في مراعاة موقف الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله في هذا الخصوص.
لكن المفاجأة -حسب المصدر- تكمن في أن هذه المسودّة فيها مجموعة من التدابير لا يجرؤ "صندوق النقد" على المطالبة بعدد منها رغم أن التفاوض معه يتوقف على إنجاز الحكومة للورقة الإصلاحية.
ومن أبرز هذه التدابير: وقف التوظيف حتى إشعار آخر وتجميد الرواتب لمدة 5 سنوات تحت عنوان ضرورة عقلنتها، وإعادة النظر في التدبير رقم (3) الخاص بتعويضات نهاية الخدمة للعاملين في الأسلاك العسكرية والأمنية، ووقف الترقيات فيها إلا في حال شغور المراكز.

ويضاف إلى هذه التدابير تحميل المودعين 75% من الخسائر (60 مليار دولار) والباقي منها للمصارف وزيادة الضرائب على الكماليات التي ستبقى حبراً على ورق في ظل الركود الاقتصادي -كما يقول المصدر السياسي- رغم أن وضع الورقة الإنقاذية يغالي في طموحاته التي لن تكون سوى ورقية وليست رقمية في ظل تراجع الاهتمام بالشأن الاجتماعي، وأيضاً في كل ما يتعلق برفع منسوب الإنتاج.
فهل يوافق من يقف وراء الحكومة على هذه التدابير؟ وماذا سيكون رد فعل هؤلاء حيال تجميد الرواتب، فيما انتفضوا في السابق على الرئيس سعد الحريري عندما تقدّمت حكومته بورقة إصلاحية اقترحت فيها تجميد دفع الزيادات المترتبة على إقرار سلسلة الرتب والرواتب؟

كما يتردد أن بعض من هم على رأس "التيار الوطني الحر" ليسوا على توافق حيال المسودّة الإصلاحية، خصوصاً لجهة اقتطاع نسبة عالية من أموال المودعين أكانوا من الكبار أو متوسطي الحال. وينسحب السؤال نفسه على "حزب الله" الذي لم يوقف حملته على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والمصارف بذريعة أنهم رفضوا القيام بأي جهد في مواجهة العقوبات الأميركية المفروضة عليه، لكن الحزب يتردد قبل أن يوافق على المس بأموال المودعين حتى لو كانوا من الكبار أو المتوسطين، ويعود السبب إلى أن الغالبية منهم هم من الشيعة، وبالتالي يتناغم مع الرئيس بري في رفضه لمثل هذا التدبير.
لذلك، فإن رهان بعض من هم في الحكومة على أن المسوّدة الإصلاحية باتت ضرورية للخروج من الأزمة المالية – الاقتصادية لن يكون في محله لأن الإصرار عليها بلا أي تعديل سيولّد أكثر من اشتباك داخل الحكومة، وإلا لماذا يلوذ من يدعمها بالصمت ويتركون لرئيسها حسان دياب أن يجرّب حظه ليكتشف لاحقاً أنه أخطأ في تقديراته لخلوّ الورقة من الوقائع التي استعاض عنها بجرعات من التفاؤل؟
وعليه يسأل المصدر: كيف يمكن للحكومة أن تحقق نسبة من الفائض في الموازنة وأن تزيد من حجم الواردات وأن تأتي الودائع من الخارج إلى المصارف في ظل قيود من شأنها أن تطيح بالنظام المصرفي؟

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى