قالت الصحف: الإثنين بداية الحل أم الإنهيار الكبير؟
الحوارنيوز – خاص
قرار التيار الوطني الحر بالخروج من الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري ومطالبته حصرا بحكومة انقاذ وطني من أصحاب الاختصاص غير السياسيين، أدخلته وأدخلت البلاد مرحلة جديدة من التعقيدات على مستوى علاقة "التيار" مع حلفائه وعلى المستوى الوطني.
ماذا سيحمل الإثنين المقبل من مفاجآت وكيف قرأت الصحف قرار "التيار"؟
صحيفة "النهار" عنونتك" هل أسقط باسيل التسوية من طرف واحد؟ وكتبت تقول: للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات وشهرين تقريباً وضعت التسوية الرئاسية السياسية التي شكلت الحاضنة الرئيسية لانتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمام تجربة حاسمة نهائية من شأنها أن تقرّر مصير الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديدة، علماً أن نقطة الحسم الأساسية تتصل بتكليف الرئيس سعد الحريري ومواقف الأفرقاء السياسيين منه. ولعل المفارقة الكبيرة التي بدأت ترتسم قبل الموعد المحدد للاستشارات الاثنين المقبل تمثلت في تطوّر سياسي "غرائبي" لم تتضح بعد كل ملابساته من خلال إعلان رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل قرار "تكتل لبنان القوي" عدم التمثّل في الحكومة العتيدة، متهماً للمرة الاولى علناً الرئيس سعد الحريري باتباع سياسة "أنا أو لا احد " ولافتاً للمرة الأولى أيضاً الى اختلاف في الموقف بينه وبين الثنائي الشيعي "أمل" و"حزب الله" من الحكومة المقبلة.
موقف باسيل أقام "نظرياً" على الأقل وفي انتظار اتضاح ردود فعل القوى المعنية عليه، معادلة سياسية جديدة وغير قابلة "للهضم "السريع وهي معادلة خروج التيار السياسي والحزبي لرئيس الجمهورية من الحكومة، فيما مؤسّس التيار هو رئيس الجمهورية نفسه. فكيف تستقيم "المناوأة البناءة" كما أوحى بها باسيل مع هذه المعادلة المتسمة بازدواجية يصعب التسليم بمعاييرها اذا سلكت طريقها الى التنفيذ؟ وهل تتبع سياسة خاصة برئيس الجمهورية اذا حصل توافق جديد بينه وبين الرئيس الحريري والأفرقاء الآخرين على تركيبة الحكومة ويعمد التيار "العوني" الى مناوأته؟
الواقع أن الساعات الثماني والأربعين المقبلة مرشّحة لأن تحمل أجوبة معيّنة عن تساؤلات كثيرة أثارها موقف باسيل بدءاً بمصير موعد الاستشارات الذي كان قصر بعبدا لا يزال متمسكاً به أمس ولم يوح بأي تغيير محتمل له، وصولاً الى مواقف الكتل النيابية من تكليف الرئيس الحريري وحجم هذا التكليف عددياً وتمثيلياً. وبينما لم يستبعد بعض الأفرقاء أن يتمنى الثنائي الشيعي على الرئيس عون إرجاء الاستشارات مجدداً لاستكمال الجهود المبذولة للتوصل الى مخرج للتكليف والتأليف يسمح بانطلاق الاستحقاق الحكومي نحو نهاية سريعة تحول دون أخطار الانهيار المالي والاقتصادي، تتجّه الانظار بعد ظهر اليوم الى الكلمة التي سيلقيها الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله والتي ينتظر أن يتناول فيها التطورات الداخلية وفي مقدمها الملف الحكومي.
بدورها صحيفة الأخبار عنونت:طالحكومة الى أزمة مفتوحة" وكتبت: دخل البلد في أزمة سياسية طويلة. إعلان جبران باسيل انتقاله إلى المعارضة ليس سوى وجه من وجوه هذه الأزمة. الاثنين، يفترض أن يعود سعد الحريري رئيساً مكلفاً تأليف الحكومة، بأكثرية محدودة. كيف سيتصرّف من بعدها؟ هل يستمر برفع السقوف، متسلّحاً بدعم أميركي دخل على خط التأليف، أم يتواضع، فيعود إلى التفاوض مع الكتل الأخرى، أم يترك المهمة لشخصية أخرى؟
حسم جبران باسيل أمره. التيار الوطني الحر لن يشارك في الحكومة، التي يتوقع أن يُكلف سعد الحريري بتأليفها يوم الاثنين. أبلغ موقفه هذا لحزب الله وللرئيس نبيه بري قبل أن يعلنه على الملأ في مؤتمر صحافي أعقب اجتماع تكتل لبنان القوي. قال إنه طالما أن الحريري أصر على "أنا أو لا أحد" وأصر حزب الله وأمل على مقاربتهما بمواجهة المخاطر الخارجية بحكومة تكنوسياسية برئاسة الحريري، فإن التيار الوطني الحر وتكتل لبنان القوي لن يشاركا في هكذا حكومة لأن مصيرها الفشل حتماً. وعليه، فإن التيار سينتقل إلى الصفوف المعارضة، في ظاهرة فريدة من نوعها تتمثل بوجود عون في الرئاسة والعونيين في المعارضة. لكن باسيل كان حاسماً "لا نُشارك ولا نُحرّض، ولكن نقوم بمعارضة قوية وبنّاءة للسياسات المالية والاقتصادية والنقدية ونقوم بمقاومة لمنظومة الفساد القائمة منذ 30 سنة والتي يريد البعض الاستمرار فيها من خلال الحكومة نفسها".
بالنسبة إلى التيار، فإن باب الحل ليس بحكومة تكنوسياسية، بل بحكومة إنقاذ من الاختصاصيين يكون رئيسُها وأعضاؤها من أصحاب الكفّ النظيف وفي الوقت نفسه مدعومين من الكتل السياسية على قاعدة احترام التوازنات الوطنية.
بحسب كل المعطيات التي سبقت قرار التيار، فإن باسيل لم يكن ليتخذ قراره لو تم الاتفاق على حكومة من ثلاثة: حكومة تكنوسياسية يرأسها الحريري وتضم وجوهاً سياسية تختارها الأحزاب من دون أي فيتو على الأسماء، حكومة اختصاصيين لا يترأسها الحريري وحكومة أحادية يترأسها فؤاد مخزومي أو جواد عدرا.
كان الاحتمال الأخير مرفوضاً من قبل حزب الله، فيما الاحتمال الأول رُفض من الحريري، الذي يضع فيتو على عودة باسيل إلى الحكومة. تبقى حكومة الاختصاصيين، وتلك كادت تمر الأسبوع الماضي، لولا تطييرها من قبل الحريري وباسيل معاً، كل لأسبابه.
لم يبق أمام باسيل في تلك الحالة سوى إعلان عدم المشاركة في الحكومة. فهل يؤدي هذا القرار إلى تسهيل ولادتها؟ الانطباع الأول لأكثر من طرف أن الحكومة بعيدة. ما هو مرجح حتى اليوم، هو أن الحريري سيُكلّف تأليف الحكومة. أما التأليف نفسه، فيحتاج إلى الإجابة عن عدد من الأسئلة: على أي حكومة يوقّع رئيس الجمهورية؟ ومن يمثّل المسيحيين في غياب أكبر كتلة مسيحية؟ ومن يختار هؤلاء الوزراء، هل هو الحريري أم عون أم من؟ وهل إعلان باسيل عدم مشاركة التيار في الحكومة يعني أن الحريري لن يكون مضطراً إلى التفاوض مع باسيل؟ وإذا كان باسيل قد ركّز في حديثه على الميثاقية، مؤكداً عدم تخطي الموقع الميثاقي للحريري، فهل سيكون بمقدور الأخير تخطي الموقع الميثاقي للتيار الوطني الحر؟
الأسئلة الكثيرة تقود إلى عدم توقع حكومة في القريب، وخاصة أنه لم يعد معروفاً إن كان الاتفاق الذي عقد مع سمير الخطيب لا يزال صالحاً. فهل الحريري يوافق على حكومة تكنوسياسية يتمثل فيها حزب الله وأمل صراحة؟ وإذا كان يريد العودة إلى شرطه السابق، أي ترؤس حكومة اختصاصيين، فهل يريدها غير حزبية؟ وهل يوافق حزب الله وأمل على التراجع عن مطلبهما التمثّل بسياسيين أم يوافقان على الاكتفاء بتسمية اختصاصيين؟ ماذا لو رفض الحريري؟
الأزمة عميقة. والحريري سيواجه تكليفاً بلا قدرة على التأليف (تلك حالة لطالما خبرها في السنوات السابقة). يفتقر إلى الغطاء المسيحي، وخاصة إذا استمرت "القوات" في إصرارها على حكومة من الاختصاصيين، مع توقعات بأن لا يسميه المردة أيضاً، وخاصة إذا رفض حزب الله تسميته. سيكون الحزب أمام معادلة جديدة. حماسته لعودة الحريري ليست مطلقة. يفضّل ترؤسه للحكومة، لكن لا يمكنه أن يقبل بأن يقود الحكومة مطلق اليدين في تسمية الوزراء وتنفيذ السياسة التي يجدها ملائمة للخروج من الوضع الحالي. وحتى إذا كان الحريري يرى أن هكذا حكومة هي الفرصة الوحيدة لكي يحصل على الدعم الأميركي والسعودي، فقد وجهت الرياض له رسالة عدم اهتمام بغيابها عن مؤتمر باريس (أول من أمس)، فيما يأتي الموفد الأميركي ديفيد هيل الأسبوع المقبل، معلناً الدخول المباشر للولايات المتحدة على خط التأليف.
مكابرة الحريري تزداد مع الوقت، لكنه لم يتنبّه، ربما، إلى أن ميشال عون ينتظره في بعبدا. شخصيته التي يعرفها الحريري جيداً، لا تسمح له بالموافقة على أي حكومة تعرض عليه. كيف سيحلّ الحريري هذه المعضلة؟
استهتار الحريري وعناده قد لا يفيدانه كثيراً. حلف عون ــــ حزب الله سيكون بالمرصاد إلى أن تخرج حكومة لا يشعران بأنها تستهدفهما. عندها قد لا يجد الحريري حلاً سوى بتسليم الأمانة إلى شخصية يختارها هو.
يفترض بالأجوبة أن تبدأ بالظهور منذ الاثنين، مع احتمالات مفتوحة على كل الاتجاهات، بما فيها احتمال الاتفاق مع باسيل. يكفي التذكير بإصرار الحريري على "ليس أنا بل أحد غيري" والتي انتهت، كما بدأت، إلى "أنا أو لا أحد غيري".
بالنتيجة، قد يتأخر الحل السياسي، لكن الانهيار صار راسخاً ومتجذّراً. وقد عُزّز أمس بإشارتين سلبيّتين: تخفيض "فيتش" لتصنيف لبنان الائتماني، وطلب الحريري مساعدة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. لكن ذلك لا يبدو أنه سينعكس تسريعاً في تأليف الحكومة أو تحمّل السياسيّين للمسؤوليّة.
وعنونت صحيفة اللواء:" مناورة باسيل: دفن التسوية الرئاسية وإحراج الثنائي" وكتبت تقول:" ما كشفته "اللواء" قبل أيام، حول اتجاه التيار الوطني الحر لعدم المشاركة في الحكومة الجديدة التي يزمع الرئيس سعد الحريري تشكيلها بعد تكليفه رسمياً في الاستشارات النيابية الملزمة، الاثنين، أو في أي وقت آخر، أعلنه بصورة رسمية مباشرة، وبعد اجتماع لتكتل لبنان القوي رئيس التيار الوزير جبران باسيل، بالقول: إذا أصرّ الحريري على مقولة "انا أو لا احد" واصر "حزب الله" وحركة "امل" على مقاربتهما في مواجهة المخاطر الخارجية بحكومة تكنوسياسية برئاسة الحريري، فإن "التيار الوطني الحر"، وتكتل "لبنان القوي" غير مهتمين بالمشاركة في حكومة كهذه، مع ترك الحرية لمن يريد من الحلفاء، لأن مصيرها الفشل حتماً, مضيفاً "لا نشارك لكن لا نحرض بل نقوم بمعارضة قوية وبناءة للسياسات المالية والاقتصادية والنقدية القائمة ونقوم بمقاومة منظومة الفساد القائمة منذ ثلاثين سنة والتي يريد البعض الاستمرار فيها من خلال استنساخ نفس الحكومة الفاشلة".
وهكذا بين المناورة والتسهيل، احتل موقف باسيل عشية الاستشارات النيابية، التي يُمكن ان تكون مسبوقة بتظاهرات أو تجمعات اعتراضية، واستدعى تضامنا ودفاعا عن رئيس التيار الوطني الحر من حزب الله على لسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم الذي اعتبر ان باسيل "يعاقب دولياً بسبب قراره بفتح الأبواب مع سوريا". متمنياً ان يكون التيار الوطني الحر جزءاً مشاركاً في الحل الا انه يعتبر قراره مشاركة في الحل..
وفي ما يخص الملف الحكومي أعلن قاسم أن "حساسيتنا البالغة مع طرح حكومة الإختصاصيين هي عدم القابلية لذلك ونحن جزء من الحل ولسنا وحدنا الحل".