سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف:عودة الجدل الحكومي والاتهامات المتبادلة..ومسعى لحزب الله لتسريع الـتأليف

 


الحوار نيوز – خاص
عاد الجدل الحكومي ليطغى على الساحة الداخلية في ظل الاقفال العام الناجم عن جائحة كورونا ،وتبادل الأطراف السياسيون الاتهامات ،في وقت يستعد حزب الله للتحرك في مسعى يهدف الى تسريع عملية التأليف.


• كتبت "النهار" تقول:وسط الظروف المخيفة التي تواجهها البلاد صحياً واستشفائياً واقتصادياً مع الاضطرار الى تمديد حالة الطوارئ الصحية والاقفال العام المتشدد حتى الثامن من شباط المقبل، لم تجد بعبدا حرجاً في ترف إعادة صياغة خطابها التبريري لتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، وكأنها استشعرت عبء هذا التعطيل من دون ان تحيد قيد انملة عن سياسة المعاندة التي تتبعها. واذا كان توزيع الأدوار بين البعد الداخلي للتعطيل الذي يتولاه العهد والبعد الإقليمي لاستهلاك الوقت القاتل الذي يتربص خلفه "حزب الله" صار اكثر من مكشوف ومفتوح بدليل ان المزاعم الدعائية التي توزع عن تحفز الحزب لبذل مساعيه الحميدة في كسر جدار الازمة تبقى مزاعم هوائية، فان تطوع رئاسة الجمهورية امس لاعادة اطلاق الشروط المتصلبة تحت جناح "توضيحات" وردود على تقارير وتحليلات لم يكن سوى اطلالة تصعيدية متجددة لإفهام رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ان دفتر العمليات لن يتبدل. واللافت هذه المرة ان اوساطا واسعة الاطلاع رجحت ان تكون هذه المبادرة "التصعيدية" التي اخذتها بعبدا على عاتقها وسط انفجار اخطار جائحة كورونا في لبنان على نحو بالغ الخطورة ردة فعل انفعالية نتيجة رهان خاطئ لديها على ان الحريري بعد عودته من الخارج كان يجب ان "يصعد" الى القصر بتشكيلة متغيرة تماما عن تشكيلته المعلقة مذ قدمها الى رئيس الجمهورية ميشال عون بما يعني الاستسلام لشروط العهد و"التيار الوطني الحر" ولكن شيئا من هذا لم يحصل ولم تظهر مؤشرات واقعية على امكان حصوله. ثم ان الأوساط نفسها لفتت الى ان ردة فعل بعبدا جاءت غداة زيارة مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي لبكركي حيث اشارت المعلومات الى ان أجواء لقائه مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي كان سلبية، ولم يقتنع الراعي بالمبررات التي تنقل اليه والمتصلة بموقف عون من تشكيلة الحريري. وايا تكن منطلقات الرد الرئاسي امس والردود عليه من بيت الوسط و"تيار المستقبل" فالواضح ان الانسداد السياسي والحكومي يبدو أسوأ مما كان عليه في الفترة السابقة وسط فداحة المشهد الصحي والانتشار الوبائي والتداعيات التي بدأت تتصاعد للاقفال وأثره على الدورة الإنتاجية والمعيشية بدليل بدء التحركات الاحتجاجية والاختراقات لإجراءات الاقفال ومنع التجول وإقفال طرق رئيسية في طرابلس وعكار وربما تتمدد العدوى الى مناطق أخرى .


جولة سجالية


الجولة التصعيدية الجديدة، بدأت مع بيان صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية نفى طلب رئيس الجمهورية الحصول على الثلث المعطل في التشكيلة الحكومية العتيدة كما نفى "الادعاءات بأن يكون رئيس "تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل يعرقل تشكيل الحكومة "، واعتبر ان "اختيار الوزراء وتسميتهم وتوزيعهم على الحقائب الوزارية ليس حقا حصريا لرئيس الحكومة وان للرئيس عون حقا دستوريا بأن يوافق على التشكيلة الحكومية كاملة قبل التوقيع". وقال "ليس لرئيس الجمهورية ان يكرر دعوة رئيس الحكومة المكلف الى الصعود الى بعبدا، ذلك ان قصر بعبدا لا يزال بانتظار ان يأتيه رئيس الحكومة المكلف بطرح حكومي يراعي معايير التمثيل العادل عملا بأحكام الدستور، في حين ان الظروف ضاغطة جدا على أكثر من صعيد لتأليف الحكومة".


في المقابل، وفي معرض نفيها مزاعم عن ارسال الحريري رسالة الى عون اكدت مصادر مقربة من بيت الوسط ان الحريري تعامل منذ اللحظة الاولى لتسريب الفيديو وما تضمنه من عبارات لا تليق بمستوى التخاطب بين الرؤساء بما يستحق. ولفتت الى اصرار قصر بعبدا على تبني معايير جبران باسيل في تشكيل الحكومة على رغم النفي المتواصل لذلك، مشددة على ان رسالة الحريري الى من يعنيهم الأمر واضحة لم تتبدل: حكومة بمعيار الدستور والمصلحة الوطنية والقواعد التي حددتها المبادرة الفرنسية.


ورد المستشار الاعلامي للرئيس المكلف سعد الحريري حسين الوجه على بيان بعبدا متسائلا: "هل نحن امام توضيح من رئاسة الجمهورية ام امام نفي باسم الوزير جبران باسيل" ؟ وإذ اكد "إن احداً لا يناقش في صلاحيات رئيس الجمهورية" شدد على انه "اذا كانت الظروف ضاغطة جداً لتأليف الحكومة ، فالأجدى بمن يعنيهم الأمر السير بطرح رئيس الحكومة المكلف الموجود لدى الرئاسة الاولى الذي يراعي التمثيل العادل وفقاً للدستور، وليس وفقاً للحصص السياسية والحزبية".


وجنبلاط


ولم يقف الاحتدام عند السجالات بين بعبدا وبيت الوسط اذ تصاعد أيضا على خط بعبدا كليمنصو عقب جولة حادة جرت ليل الخميس حيث حمل عضو اللقاء الديموقراطي النائب وائل أبو فاعور على العهد ووصفه بـ "كورونا سياسي" الامر الذي اشعل ردودا عنيفة عليه من نواب وناشطين عونيين. وامس جدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حملته على العهد مؤكدا ان "حزب الله" من خلال "التيار الوطني الحر" يستلم البلد مكررا دعوة الحريري لتركهم يحكمون ويتحملون المسؤولية وقال أن "الصهر الكريم يريد الثلث المعطل لكي إذا حدث شيء لعمّه، والأعمار بيد الله، أن تكون السلطة بيده في الحكومة التي بحسب الدستور هي التي تحكم بإنتظار إنتخاب رئيس جمهورية جديد". وأضاف أن "هناك غرفا سوداء، هناك سليم جريصاتي والمدام عون، هم الذين يحكمون ويتحكمون بالقضاء، وهناك غرف عسكرية "غريبة عجيبة" ولفت إلى أن "هناك حزبا قويا جداً، ومن خلفه دولة قوية جداً إسمها الجمهورية الإسلامية، فهل الجمهورية الإسلامية تعترف بلبنان الكبير أم أننا نحن فقط مقاطعة من المقاطعات من الجمهورية الإسلامية بين لبنان وسوريا والعراق؟ ".


دياب والتعبئة الديبلوماسية


في غضون ذلك برزت حركة لافتة امس في السرايا لرئيس حكومة تصريف الاعمال حسان الذي حرك اتصالات ديبلوماسية واجرى لقاءات مع سفراء تركزت في معظمها على محاولات تأمين مساعدات دولية للبنان من اللقاحات والتجهيزات الاستشفائية. وأجرى دياب اتصالا هاتفيا بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وأطلعه على واقع انتشار فيروس كورونا وشدد على "الحاجة لإعادة تأهيل المستشفيات الحكومية والخاصة نظرا لنفاذ قدراتها الاستيعابية للمرضى والمصابين بعدوى الفيروس والحاجة الملحة لتجهيزها بغرف العناية الفائقة والأجهزة الطبية اللازمة ومنها آلات التنفس". وطلب دياب من الأمين العام "المساعدة في توفير مئتي سرير لغرف العناية الفائقة ودعم الأمم المتحدة للبنان في حملة اللقاح ضد الفيروس وضرورة أن يشمل جميع المقيمين على الأراضي اللبنانية". وأشار بيان رسمي الى ان الأمين العام للامم المتحدة،"أعرب عن تفهمه الكامل للظروف الصعبة التي يمر بها لبنان والتي تفاقمت بانفجار المرفأ وانتشار الجائحة". وأشار إلى أنه سيبحث مع المسؤولين في المنظمة الدولية في أفضل الوسائل للمساعدة في هذا الشأن.


كما طلب دياب من سفير ألمانيا أندرياس كيندل مساعدة لبنان على توفير أسرة عناية فائقة مع أجهزة تنفس وعبوات أوكسيجين للمصابين بداء كورونا. وتمنى على السفير كيندل توفير مليوني لقاح ضد كورونا علاوة على اللقاحات التي طلبها لبنان من دول أخرى، لتأمين كمية لقاحات تغطي جميع اللبنانيين والمقيمين على الأراضي اللبنانية.


• وفي المجال الحكومي كتبت "الأخبار"تقول:إذا كانت المخاوف من عقوبات أميركية تفرضها إدارة دونالد ترامب بعد تأليف حكومة يتمثّل فيها حزب الله بطريقة أو بأخرى، فحالياً هو الوقت المناسب لإطلاق التشكيلة. أما إذا كانت الخلافات الداخلية هي العائق الأكبر أمام فرض سلطة تنفيذية، فيُفترض أن تدفع حالة الطوارئ العامة الجميع إلى «التواضع». حزب الله قرّر إطلاق مسعى، في محاولة لإعادة الثقة بين ميشال عون وسعد الحريري، علّها «تنفرج»
المفارقة في لبنان أنّه كلّما تفاقمت حدّة الأزمة، وتضاعفت معها الحاجة إلى وجود سلطة تنفيذية، ازداد «تعنّت» القوى السياسية الأساسية. يرفعون سقف تفاوضهم، مُنتظرين «العرض» الأفضل، كما لو أنّهم مُنفصلون عن الواقع اللبناني. مرّ «قطوع» 20 كانون الثاني، تاريخ انتقال الحُكم في الولايات المتحدة الأميركية إلى الرئيس جو بايدن، وهي «الحُجّة» التي تمترس خلفها البعض، وخاصة رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري لتأخير تقديم تشكيلة وزارية. وداخلياً، كلّ القوى باتت تعرف «شروط» بعضها البعض، وما هي طلباتها. القصة لم تعد بحاجة سوى إلى «التواضع» قليلاً، والاستفادة من «الوقت الضائع» الأميركي للانتهاء من هذا الملفّ، لأنّ المسائل الصحية والاجتماعية والمالية والنقدية والاقتصادية لم تعد تحتمل أي تأجيل، ولا تملك البلاد ترف انتظار عودة «الكيمياء» إلى العلاقة بين رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من جهة، وتيار المستقبل من جهة أخرى. كما أنّ الرأي العام «ملّ» من لعب النائب السابق وليد جنبلاط عند كلّ منعطف دور المُحرّض ضدّ حزب الله، من باب حلفه مع إيران وسوريا، واتهامه بالسيطرة على القرار المحلّي، قبل أن «يلجأ» إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، طالباً وساطته لترتيب العلاقات بينه وبين حزب الله. هي الأسطوانة نفسها يُكرّرها الجميع.

أكثر من جهة حاولت في الأسابيع الماضية العمل على مبادرة أو وساطة لتليين الأجواء بين الرئيس ميشال عون والحريري، لتدوس في كلّ مرّة على لغم: تصريح، تسريب فيديو، كلام «المصادر». لكن، علمت «الأخبار» أنّ حزب الله سيستأنف مسعاه في الساعات المُقبلة للتوافق على تشكيلة حكومية. وتوضح مصادر مطلعة أنّ ما يقوم به حزب الله هو «مسعى وليس مبادرة، التي عادة ما تتضمن بنوداً عدّة، أو وساطة تكون قائمة على نقل رسائل من جهة إلى أخرى». المحاولة التي يقوم بها حزب الله «هدفها حصراً خلق ثقة ما بين الرئيس عون والحريري، بعدما تحطّمت هذه الثقة، فيما الوضع شديد الخطورة ما بين الأزمة الاقتصادية ــــ المالية ــــ النقدية والكارثة الصحية». هذه أزمات ستكون معالجتها «صعبة بوجود حكومة، فكيف الحال والبلد يفتقر إلى سلطة تنفيذية؟». وتُوضح المصادر أنّ حزب الله كان ينوي بدء مسعاه قبل إعلان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي تحرّكه لإنتاج تسوية، «ففضّل حزب الله البقاء جانباً إفساحاً في المجال أمام الراعي. حالياً، كلّ المبادرات توقّفت ولم تصل إلى نتيجة، فقرّر حزب الله العودة إلى إطلاق المسعى، وخاصة أنّه لم يعد من الممكن التذرع بضغوط خارجية بعد مغادرة دونالد ترامب الرئاسة الأميركية، ويُفترض أن يكون الحريري قد بات أكثر تحرّراً».
ما يقوم به حزب الله هو مسعى وليس مبادرة أو وساطة

لكن، حتى لو أن الحريري بات أكثر اقتناعاً بضرورة تحمّل مسؤولياته وتأليف الحكومة، إلا أنّ ذلك لا يعني تحرّره من الضغوط نهائياً. عبّر جنبلاط عن ذلك أمس بقوله «إذا كان الشيخ سعد يريد مشاركة هؤلاء، أنصحه «بلاها»، وإذا كان مُصرّاً فليُكمل. يا شيخ سعد، هم لا يريدونك، فليحكموا وسنرى لاحقاً إذا ما سينجح هذا الحكم. برأيي لن ينجح فمشروعهم تدمير وإفقار». وأضاف جنبلاط في حديث إلى «صوت كلّ لبنان» إنّه «صاحب نظرية خلّيهم هنّي يحكموا… فليتسلّموا كلّ البلد بكل مفاصله، وليتحمّلوا مسؤولية الربح أو الخسارة، لماذا نشارك نحن ولا نتسلّم أي شيء؟»، قبل أن يلفت إلى أنّه صاحب نظرية أخرى (يصدف أنّها تتعارض مع الأولى)، «وهي التسوية. لا بدّ من تسوية بما يتعلّق بالحكومة… لا أحد مهتم بلبنان. كان هناك شيء من الاهتمام من قبل فرنسا ولا يزال، لكن علينا أن نهتم بأنفسنا وبحلّ العقد الداخلية». يتصرف جنبلاط كمن يوصل رسالة إلى المعنيين مفادها: «أعطوني المقعد الوزاري الذي أريد، ولا تُخصّصوا حقيبة لأخصامي في الطائفة، وستنالون سكوتي». خلال مقابلته، زعم جنبلاط وجود «غرف سوداء. هناك سليم جريصاتي والمدام عون (القاضية غادة عون)، يتحكّمان بالقضاء ويحكمان، وهناك غرف عسكرية غريبة عجيبة»، قبل أن ينتقل إلى التصويب على حزب الله، واصفاً إياه بأنّه «حزب قوي جدّاً ومن خلفه دولة قوية جدّاً اسمها الجمهورية الإسلامية. فهل تعترف بلبنان الكبير، أم أننا نحن فقط مقاطعة من المقاطعات من الجمهورية الإسلامية بين لبنان وسوريا والعراق؟ هذا السؤال».
هاجم جنبلاط في مقابلته النائب جبران باسيل، مُتهماً إياه بعرقلة الحكومة. ليس في ذلك أي «جديد»، فقد بات هناك جوّ مُعمّم في الوسط السياسي والبلد أنّ باسيل وحيداً يتحمّل مسؤولية التعطيل. قوى إقليمية، وتحديداً فرنسا، تسأل بشكل مباشر عن تفاصيل لها علاقة بالتأليف وبالدور الذي يقوم به باسيل. كما أنّ البطريرك الراعي وجّه عتباً لمقرّبين من رئيس الجمهورية حول طريقة مقاربة الملفّ الحكومي. كلّ هذه الأمور دفعت عون إلى إصدار بيان أمس، نفى فيه أن يكون قد طلب الحصول على الثلث المعطل، مؤكّداً أنّ باسيل «لم يتعاط في عملية التشكيل مطلقاً». أما بالنسبة إلى حزب الله، «فلا يتدخل في أي قرار لرئيس الجمهورية، بما في ذلك تأليف الحكومة». أمّا في ما يتعلق باختيار الوزراء وتوزيعهم على الحقائب الوزارية، «فإنّ هذا الأمر ليس حقّاً حصرياً لرئيس الحكومة استناداً الى البند الرابع من المادة 53 والبند الثاني من المادة 64 من الدستور، ما يدلّ على أنّ للرئيس عون حقّاً دستورياً بأن يوافق على التشكيلة الحكومية كاملة قبل التوقيع»، خاتماً بأنّ قصر بعبدا «لا يزال بانتظار أن يأتيه رئيس الحكومة المُكلّف بطرح حكومي يراعي معايير التمثيل العادل». النقطتان الأخيرتان أدّتا إلى ردّ الحريري عبر مستشاره الإعلامي، حسين الوجه، فكتب على «تويتر» أنّ «أحداً لا يُناقش في صلاحيات رئيس الجمهورية في إصدار مرسوم تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء وفقاً للمادة 53 من الدستور، وعلى توقيع مرسوم التشكيل بعد أن يجري رئيس مجلس الوزراء الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة وفقاً للمادة 64 من الدستور، مع خطّين تحت «لتشكيل الحكومة»… وإذا كانت الظروف ضاغطة جدّاً لتأليف الحكومة، فالأجدى بمن يعنيهم الأمر السير بطرح رئيس الحكومة المُكلّف الموجود لدى الرئاسة الأولى الذي يُراعي التمثيل العادل وفقاً للدستور، وليس وفقاً للحصص السياسية والحزبية»، سائلاً إن كان التوضيح «من رئاسة الجمهورية، أم نفي باسم الوزير جبران باسيل؟».


• وكتبت "الجمهورية" تقول:بدءاً من اليوم، يدخل تعطيل تأليف الحكومة شهره الرابع، وليس في الافق ما يؤشّر الى انفراج قريب، وسط انقطاع خطوط التواصل والتفاهم بين القصر الجمهوري وبيت الوسط، والاستبدال الذي يبدو متعمّداً لمنطق التوافق على الاستيلاد السريع لحكومة تتولى زمام أمور البلد في أسوأ مرحلة يمرّ فيها، بمنطق التصادم والافتراق، يُترجَم بورشة حفر يوميّة ومتواصلة للتعميق الاضافي لهوّة الخلاف المستحكم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري.


يتّضح من عمق من هذا الخلاف أنّ الأفق مسدود بالكامل في غياب الارادة الجدية والصادقة لتأليف الحكومة، ذلك أنّ المشترك بين عون والحريري، ليست إرادة التأليف، بل النفور السياسي والشخصي، وهذا ما يؤكّده العاملون على ردم الهوّة بينهما، ولا تنفيه أوساطهما، يضاف الى ذلك تغليب سياسة النوافذ والابواب المغلقة على أيّ محاولة لإحداث اختراق في جدار التباين بينهما، تنفذ منه الحكومة المعطّلة الى حيّز الولادة، وهذا الشعور المتبادل يُنذر بمزيد من الدوران في الحلقة الاشتباكية بينهما، والمفتوحة على شتى الاحتمالات.


السفراء: الوضع شاذ!


واذا كانت هذه الصورة الخلافية المتفاقمة بين عون والحريري قد بعثت الملل لدى اللبنانيين الذين وصلوا الى مرحلة اليأس من إمكان تفاهم الرئيسين، إلّا أنّها تعبّر في نظر أصدقاء لبنان عن "وضع شاذ ولا بدّ من تجاوزه والخروج منه، خصوصاً انّ المجتمع الدولي يَئس من المسؤولين في لبنان وعدم استجابتهم للتحذيرات والنصائح التي تُسدى إليهم"، وبحسب ما ينقله ديبلوماسيون عرب من القاهرة عن أوساط قريبة من الجامعة العربية الى بعض كبار المسؤولين "فإنّ استمرار الوضع الشاذ هذا، قد يجرّ على لبنان مخاطر كبرى من شأنها أن تضحّي به وباللبنانيين، وتزيد من خطر الاخلال بالاستقرار في هذا البلد".


مجموعة الدعم


وفي السياق نفسه، علمت "الجمهوريّة" أنّ جهات حكوميّة تلقت أجواء وصفت بـ"غير المطمئنة" من مجموعة الدعم الدولية من اجل هذا البلد، تعكس "قلق مجموعة الدعم من تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية فيه، وازديادها صعوبة وسوءاً، في ظل انعدام وسائل علاج ومواجهة هذه الأزمة".


كما تعكس أجواء مجموعة الدعم الدولية للبنان "شعوراً بالإحباط من تَعامل القادة اللبنانيين مع الملف الحكومي"، و"أسفاً بالغاً للتأخير الذي يبدو مفتعلاً في تشكيل حكومة تتولى تطبيق إصلاحات بشكل عاجل، تستجيب من خلالها لطموحات الشعب اللبناني، وما يطالب به المجتمع الدولي لخروج لبنان من أزمة هي الأخطر في تاريخه".


ووفق ما كشفته الجهات الحكوميّة، فإنّ مجموعة الدعم تحذّر "من وضع اكثر صعوبة، فيما لو مضى القادة في لبنان في مزيد من التأخر في إدراك أنّ الحاجة التي باتت ماسّة لاتفاقهم على تشكيل حكومة تنفذ خطة إصلاحات ومعالجات فورية، الى جانب المهمة الاساس في مواجهة فيروس كورونا، خصوصاً انّ التقارير تفيد بأن الشعب اللبناني بات يرزح تحت ثقل وضع مأساوي مخيف".


البنك الدولي


يُشار في هذا السياق الى ما أعلنه مدير دائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار من أن جزءاً كبيراً من الشعب اللبناني أصبح تحت خط الفقر"، وأعرب عن تخوّفه من "انّ لبنان سيواجه وضعاً صعباً، وسيصل الى أماكن لم يتمكن من حلها كلما تأخرت عملية الاصلاح". وقال: "المؤسف اننا نرى انّ الامور تتدهور، والناس يخسرون سبل عيشهم، وهذا الأمر ازداد سوءاً بعد انفجار مرفأ بيروت".


وكشفَ في جانب آخر "أنّ البنك الدولي سيساعد لبنان للحصول على لقاحات لسكانه لمواجهة فيروس كورونا"، كما كشف عن مساعدة البنك في تأمين لقاح آخر غير فايزر، عبر تمويل جزئي له، على ان تقوم الدولة بتمويل الجزء الآخر، لافتاً الى انّ البنك الدولي يعمل مع الحكومة اللبنانية ومنظمات دولية عالمية لوضع مخطّط لتوزيع اللقاح بطريقة منصفة عادلة شفافة، وسيتم إعلان خطة التلقيح قبل البدء بالتوزيع، وهو شرط من شروط البنك الدولي.


ما يجدر ذكره هنا انّ عدد الاصابات بفيروس كورونا التي تم تسجيلها امس بلغ 3220 اصابة و57 حالة وفاة، ما يرفع العدد الاجمالي للاصابات الى 272411.


غضب فرنسي


على أنّ الاجواء القلقة التي تعكسها أجواء مجموعة الدعم، تتقاطع مع أجواء مماثلة نقلتها مصادر ديبلوماسية من باريس، تعكس حالاً من عدم التفهّم النهائي، تسود المستويات الفرنسية، خصوصاً في الايليزيه ووزارة الخارجية الفرنسية، لمسار تعطيل الحكومة في لبنان.


واذا كانت باريس، كما تشير المصادر، ما زالت تعتبر انّ المبادرة الفرنسية تشكل فرصة الحل للبنان، الّا انها اشارت الى انّ جدول الاعمال الفرنسي خالٍ حالياً من اي حراك فرنسي في اتجاه الدفع بهذه المبادرة من جديد، خصوصاً انّ في جدول الأولويات الفرنسية في هذه المرحلة بنداً وحيداً هو الضغط الذي يفرضه تفشي كورونا على المجتمع الفرنسي وكيفية مواجهته، الّا انّ هذا لا يعني عدم حصول تحرّك فرنسي حيال لبنان في أي وقت".


ولفتت المصادر الى "أنّ باريس مدركة تماماً للاسباب الحقيقية لتعطيل تأليف الحكومة، الا انها لا تتفهّم تجاهل القادة اللبنانيين للمبادرة الفرنسية وتجاوزها، والتعاطي معها وكأنها قد انتهت".


ووفقاً للاجواء التي تعكسها المصادر الفرنسية، فإنّ ما يحذّر منه المسؤولون الفرنسيون هو انّ الوقت لا يلعب لصالح لبنان، بل على العكس، وانّ وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، عندما وَصَّف حال لبنان بسفينة التايتانيك، كان يأمل ان يتلقّف القادة في لبنان هذا التحذير، ولكن ما حصل هو عكس ذلك.


وتعكس المصادر الديبلوماسية ما يقوله مسؤولون فرنسيون معنيون بالملف اللبناني بأنّ "باريس قد منحت القادة في لبنان فسحات من الوقت لكي يعيدوا حساباتهم، وحذّرتهم من انهم إذا لم يُقدموا على ذلك، فسيلحق الضرر البالغ بلبنان. وسَعت بداية ً،عبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وكذلك مع وزير الخارحية وايضاً مع الموفد الفرنسي باتريك دوريل، لتحقيق هذا الهدف وحمل اللبنانيين على التوافق، لكنهم مع الأسف استمروا في اتّباعهم السياسة العبثية، وإبقاء البلد في دائرة التخبط والحكومة في دائرة الفراغ، ومن شأن ذلك أن يدفع السفينة الى الغرق بالكامل والارتطام بالقعر".


وكشفت المصادر عن أنّ "جهات لبنانية" سَعت في الآونة الأخيرة الى تدخل فرنسي مباشر، "وكان تأكيد من قبل الجهات الفرنسيّة بأنّ باريس هي على التزامها بمساعدة لبنان، الّا انّ الوضع الخطير فيه يوجِب على القادة السياسيين أن يُنَحّوا خلافاتهم جانباً، ويتفاهموا في ما بينهم، ويتعاونوا في تشكيل حكومة وفق المبادرة الفرنسية، وهو ما سبق وأكد عليه الرئيس الفرنسي".


واشنطن: لا مبادرات


على انّ الصورة في الجانب الأميركي، وعلى ما تنلقه شخصية سياسية معروفة بتعدد صداقاتها الاميركية، لا تحمل اي مؤشرات حول حضور اميركي في الملف اللبناني في هذا الوقت، ذلك أنّ الادارة الاميركية الجديدة برئاسة جو بايدن حدّدت سلّم أولوياتها. ما يعني أنّ أجندتها اميركية قبل أي أمر آخر، والاساس فيها مكافحة كورونا واعادة توحيد المجتمع الاميركي بعد الانقسام الذي شهده مع الانتخابات الرئاسية.


وتشير تلك الشخصية الى انّ خلاصة الموقف الاميركي من لبنان في هذه المرحلة، هي ان لا مبادرات اميركية من أي نوع تجاه لبنان، ما خَلا التأكيد على الموقف التقليدي حول الاستقرار السياسي والامني فيه وضرورة الحفاظ عليه والحؤول دون ان يتعرّض لأيّ انتكاسة.


خطان لا يلتقيان


تتزامن هذه الأجواء العربية الدولية مع وصول العلاقة بين عون والحريري الى حد الغليان، وتَمَترس كلّ منهما خلف منصة السجال، وإطلاق رسائل مباشرة وغير مباشرة تؤكد التباعد بينهما، ووقوفهما حيال تأليف الحكومة كخطين متوازيين لا يلتقيان لا طوعاً ولا عبر وسطاء. ولقد تُرجِم ذلك بسجال بينهما عَكسَ انّ "أزمة الفيديو" وما تضمّنه من كلام جارح من قبل الرئيس عون بحق الرئيس الحريري، لم تنتهِ بعد، بل ما زالت في دائرة التفاعل.


بيت الوسط


في هذا السياق، اشارت مصادر مقربة من بيت الوسط الى انّ الرئيس المكلف تعامَلَ منذ اللحظة الاولى لتسريب "الفيديو" وما تضمنه من عبارات لا تليق بمستوى التخاطب بين الرؤساء، بما يستحق.


وقالت المصادر انّ الجهة التي تحدثت عن رسالة وجّهها الرئيس المكلف الى رئيس الجمهورية في هذا الاطار، تَقصّدت نقل رسالة مفادها انّ "عون لن يبادر الى الاتصال بالحريري ودعوته الى لقاء معه في القصر الجمهوري اذا لم يَلمس تغييراً في مواقفه المتصلبة والذهاب الى تشكيل حكومة وفق معايير سبق له ان أثارَها معه، الامر الذي يؤكد اصرار قصر بعبدا على تبنّي معايير جبران باسيل في تشكيل الحكومة على رغم النفي المتواصل لذلك". ولفتت المصادر الى أن "رسالة الرئيس الحريري الى من يعنيهم الأمر، واضحة ولم تتبدّل: حكومة بمعيار الدستور والمصلحة الوطنية والقواعد التي حدّدتها المبادرة الفرنسية… وخلاف ذلك دوران في حلبات الإنكار".


بعبدا


وفي وقت لاحق، رد مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية على ما وصفها "تحليلات ومقالات تتناول موقف رئيس الجمهورية بقصد التشويه والايحاء بأنه هو الذي يضع العراقيل في مسيرة التشكيل في وجه الرئيس المكلّف"، وأكد على الآتي:


أولاً: انّ رئيس الجمهورية لم يطلب الحصول على الثلث المعطّل.


ثانياً: انّ النائب باسيل لم يتعاط في عملية التشكيل مطلقاً، وللتكتل مواقفه السياسية التي يعبّر عنها.


ثالثاً: غير صحيح في المطلق أنّ "حزب الله" يضغط على رئيس الجمهورية في مسألة تشكيل الحكومة، لأنّ الحزب لا يتدخل في أي قرار لرئيس الجمهورية، بما في ذلك تأليف الحكومة.


رابعاً: انّ اختيار الوزراء وتسميتهم وتوزيعهم على الحقائب، ليس حقاً حصرياً لرئيس الحكومة استناداً الى البند الرابع من المادة 53 والبند الثاني من المادة 64 من الدستور، ما يدلّ على انّ للرئيس عون حقاً دستورياً بأن يوافق على التشكيلة الحكومية كاملة قبل التوقيع.


خامساً: ليس لرئيس الجمهورية ان يكرّر دعوة رئيس الحكومة المكلف الى الصعود الى بعبدا، ذلك انّ قصر بعبدا لا يزال بانتظار أن يأتيه رئيس الحكومة المكلف بطرحٍ حكومي يراعي معايير التمثيل العادل. وأشار المكتب الاعلامي أخيراً الى "انّ الظروف ضاغطة جداً على أكثر من صعيد لتأليف الحكومة".


رد الحريري


ورد المستشار الإعلامي للرئيس المكلف، حسين الوجه، على بيان المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية، سائلاً: "هل نحن أمام توضيح من رئاسة الجمهورية ام أمام نَفي باسم الوزير جبران باسيل؟


وقال: إنّ "أحداً لا يناقش في صلاحيات رئيس الجمهورية في اصدار مرسوم تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء وفقاً للمادة 53 من الدستور، وعلى توقيع مرسوم التشكيل بعد ان يجري رئيس مجلس الوزراء الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة وفقاً للمادة 64 من الدستور. مع خطّين تحت تشكيل الحكومة".


ولفتَ الوجه الى انه "اذا كانت الظروف ضاغطة جداً لتأليف الحكومة، فالأجدى بمَن يعنيهم الأمر السّير بطرح رئيس الحكومة المكلف الموجود لدى الرئاسة الاولى الذي يراعي التمثيل العادل وفقاً للدستور، وليس وفقاً للحصص السياسية والحزبية".


الوجه: يتشاطرون


وقال الوجه لـ"الجمهورية": إنهم يمارسون لعبة تشاطر مكشوفة، ولن تؤدي الى اي نتيجة… فالرئيس المكلف سبق أن قام بما عليه لناحية إعداد تشكيلة حكومية وأودَعها رئيس الجمهورية، الذي وعد بأن يدرسها، وما زلنا ننتظر نتيجة هذه الدراسة، وما هي ملاحظاتهم؟ وهل هذه التشكيلة ميثاقية ام غير ميثاقية؟ هل تضم شخصيات كفوءة او غير كفوءة؟ وان يحددوا اي ثغرات تعتريها؟ وهذا ما يجب ان يشرحوه للبنانيين.


غضب وقرف


هذه الأجواء الخلافية والسجالية على خط التأليف، دفعت بأحد كبار المسؤولين الى التعبير بغضب وقرف في آن معاً، ممّا بلغه الوضع، حيث قال لـ"الجمهورية": عندما يسود الحقد تُعمى الابصار، وهو في النتيجة لا يوصِل سوى الى مزيد من الافتراق. وأيّاً كان الأمر لا يجب ان يدمج الحقد مع السياسة فهما معاً لا يمكن ان يستقيما، لا بل يزيدان الامور تعصّباً وتعصيباً، وهذا ما نعانيه اليوم في ملف تأليف الحكومة.


اضاف: ما يؤسِف هو انّ هذا الوضع مستمر، ولا شيء يبدو قادراً على وقف هذا الحقد، البلد في حال فراغ حكومي منذ آب الماضي، وكل يوم مرّ على لبنان منذ آب وحتى اليوم، أصعب من سابقه، وكل يوم فيه من الاسباب والدوافع الى تشكيل حكومة، ما يوجِب على المسؤول ان يكون مسؤولاً بالفعل، والذهاب فوراً الى تشكيل الحكومة، وليس ارتداء ثياب القتال والنزول الى حلبة السجال والاشتباك، على ما هو حاصل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف.


وأعرب المسؤول المذكور عن تشاؤم كبير حيال إمكان حصول اتفاق على تشكيل حكومة، وقال: كيف يمكن ان يصلوا الى تفاهم؟! لا اعرف كيف، فلا وساطات نجحت، ولا مبادرة فرنسية نجحت، ولا مبادرة كنسية، ولا انفجار مرفأ بيروت ولا انفجار الليرة والدولار، ولا انفجار كورونا ولا انفجار المجاعة التي بدأت تطرق أبواب اللبنانيين… نجحت في إيقاظ الشعور بالمسؤولية والحِس الوطني لدى معطّلي الحكومة لأسباب لا علاقة لها بمصلحة البلد لا من قريب او من بعيد.


ورداً على سؤال حول كيفية الخروج من هذا الانسداد، قال المسؤول عينه: مع هذا الجو لا يوجد مخرج، وأخشى انّ هناك من بدأ يستطيب استبدال جلسات مجلس الوزراء بجلسات مجلس الدفاع الأعلى. صار لا بد من صدمة توصِل الى مخرج وحلّ، ولكن ما هي هذه الصدمة؟ لا أعرف!

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى