سياسةمحليات لبنانية

فتنة أكبر من وطن

 

لقد كُشِفت الأقنعة عن الكثير من الوجوه المُزيفة من أبناء الطائفة الشيعية، والذين يعتبرون أنفسهم مثقفين ومتحضرين بتبعيتهم لحضارة الغرب المُزّيفة، وبقايا المعسكر الشرقي المُهترئ ، خلال الثورة الشعبية اللبنانية التي بدأت برؤية واضحة بالمطالب المُحِقّة لمحاربة الفساد والفاسدين في وطنٍ نهبه نخبة من السياسين، الذين استباحوا كل الحرمات من دون حسيبٍ أو رقيب، أو رادعٍ  إنساني يردهم إلى الصواب، ولا ضمير يؤنبهم.

الأصوات التي تعالت عند مفترق أول طريق قطعه البعض من الجهله، في فترة يمر بها البلد بزعامة بعض الأعلام المسيس ضد الطائفة التي عانت الأمرّين في فترات التاريخ المتلاحقة من أيام الحكم التركي، والأستعمار الفرنسي، والفرنكفونية اللبنانية،  والبورجوازية المتمثلة بالعائلات التي احتكرت الوكالات الحصرية لأرزاق ابناء البلد، والأحتلال الأسرائيلي بهمجيته الفتّاكة التي  عبثت بالأرض والناس وسببت الهجرات والمعاناة ، ونحن ادرى الناس بهذه المراحل! كل هذه الأصوات صدحت خارج سرب البيت لتنقضّ بمباركة الخارج، الذي يتسنّح الفرصة للأنقضاض على المقاومة، والبيئة التي أحتضتنها، بمعاونة عملاء الداخل الكثر الذين لم يرق لهم كل هذه الأنتصارات التي اعادت الكرامات والأرض التي استباحتها جيوش الظلم على مدى التاريخ.

نعم .. هناك أخطاءٌ وتجاوزات داخل البيت من أشخاصٍ ومجموعات اغتنمت الفرص لمصالحها الشخصية، ممن تنبئوا المناصب والمراكز في فتراتٍ معينة وظروفٍ خاصة ! وهؤلاء يجب محاكمتهم وجرّهم إلى العدالة بأسرع وقتٍ ممكن ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه بالعبث بالأنجازات والبطولات التي سطّرها الشهداء الذين ضحوا بأغلى ما يملكه الأنسان.

أما الذين إنساقوا وراء الأجندات الخارجية من ابناء هذا الوطن، وركبوا موجة الثورة التى تغيّر مسارها بالتدخلات الخارجية، من المطالبة بالأصلاح العام والقضاء على الفساد والفاسدين، إلى تصفية حسابات،  وأجندات خاصة من قبل رؤساء احزاب، وسياسيين، وأصحاب النفوذ المالي، الذي كان همهم الوحيد هو جرّ المقاومة وبيئتها وشعبها وحلفائها،  إلى الصراع الداخلي وإدخالها في متاهات عقيمة للقضاء عليها وعلى شعبها و وجودها!

هذا الثمن الكبير للأجندات الخارجية التي يجاهر  بها البعض في لبنان، والعمل على المساعدة لخلق الأضطرابات في مناطق معينة بسياسة تسكير الطرقات وحجز أموال الشعب، وإفلاس المؤسسات، وضرب بيئة معينة في الصميم، والتطاول على رموز  البلد بهمجية مبرمجة حسب ما تقتضيه الحاجة لتنمية الفتنة. !
بلدنا ضيق وصغير والكل يعرف الكل.. هناك أرواح كثيرة سقطت على مذبح الحرية للحفاظ على سلامة الوطن ! وهذا الكلام موجّه للبعض ممن أصبحت ذاكرتهم ضعيفة.  شباب بعمر الورود تركوا اهلهم وأحلامهم ومقاعد دراستهم في جامعات لبنان.  تركوا دموعاً كثيرة خلفهم لم تجف بعد وذهبوا نحو الشمس ليقدموا ارواحهم قرابين لسلامة الوطن وحدوده من غزوات داعش، والمجموعات الارهابية التي مولها الغرب، واسرائيل، ودول الخليج التي تكن الكراهية لنا لأننا انتصرنا على الظلم الظالمين، وحمينا اهلنا، و وجودنا، وهويتنا، و وطننا بكل أطيافه.  هؤلاء الأبطال بكل بساطة هم من أزاحوا عتمة الظلام عن عين الشمس لتشرق ساطعةً بغدٍ يحمل كل بشائر الخير لمستقبلٍ واضح.

الفتنة مستمرة على امتداد الخريطة، بدءً من ايران الى العراق واليمن، الى سوريا حتى لبنان.  المخطط واضحٌ وصريح بزعزعة الأمن والأقتصاد لحماية الوجود الصهيوني الذي لم يألو جهداً لضرب هذا الخط بأي ثمن من ابادةٍ للشعب الفلسطيني المظلوم أمام أنظار العالم اجمع وتغاضي الطرف من مجلس الأمن الدولي، وبقايا العرب المستسلمين، إلى زعزعة امن المنطقة من خلال العملاء المنتشرين على مساحة الوطن العربي.

ان ما يجري في لبنان هو اكبر من ثورة ضد الفساد والفاسدين.. هو أكبر من قطع طريق هنا أو هناك.. هو اكبر من التطاول على المقامات والرموز.. هو اكبر من فتنة محطات وأبواق إعلامية  تتكلم بأسم الخارج .. هو فتنة اكبر من وطن!
ان ما يجري في لبنان هو اجندة تعمل على إبادة قومٍ حملوا راية الحق على مدى عصور لتصبح رمزاً وحكاية عابرة للتاريخ والأزمنة.
لبنان أمام منعطف خطر وتحديات جسام، والكل يعني الكل أمام مرحلة تتطلب الوعي من كل أطيافه للعبور بهذه الوطن الى برِّ الأمان.
إنّ غداً لناظره قريب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى