العالم العربيسياسة

عندما يكون مسرح عملياتك أقصى القوم…!

 

محمد صادق الحسيني
الحرب خدعة ، وفن ، ومعركة ارادات وتراكم خبرات وقدرات وليس مجرد قصف وقصف مضاد …!
كلما قام العدو الصهيوني بغارة على سورية تعالت الاصوات من هنا وهناك على محور المقاومة عموما والدولة السورية خصوصاً، تطالبها بمعادلة الضربة بالضربة وتستعجلها الرد
الفوري والمباشر وفي العمق ،واعتبار اي تراخ في هذا السياق نوعا من الافساح للعدو لمزيد من التمادي وتركه يجول ويصول في سماء بلادنا من لبنان الى الجولان الى مياهنا الاقليمية من دون رادع …!
هذا كلام قد يكون مقبولاً لو اننا في زمن سبعينات او ثمانينات القرن الماضي ، او في ظروف غير الظروف التي مررنا ولا نزال نمر بها حالياً في محور المقاومة بعد حرب كونية امبريالية تكسرت جيوشها على مدى قرن من الزمان على شواطئ بلادنا وسفوح جبالنا ،وها هي تتقهقر وتتراجع يوماً بعد يوم على بوابات مدننا وتفقد زمام المبادرة الاستراتيجية منتقلة من الهجوم الى الدفاع حتى صارت تقيم مناوراتها تحول ١ و٢ و٣ على قاعدة صد هجوماتنا المتوقعة للسيطرة على الجليل وما بعد الجليل …!
ولما كانت معارك اطراف محور المقاومة مع العدو ما هي الا معارك بين حروب يحاول العدو اشغالنا بها بهدف تشتيت قوانا ظناً منه انه قادر على استنزافنا او دحرجتنا باتجاه حرب هو يقرر زمانها ومكانها ،لذلك نقول لمن يستعجل الرد على طريقة الضربة بالضربة بالقول :
ان الغارات الجوية الاسرائيلية المتكررة ، التي يقوم بها العدو بشكل دوري ورتيب على مواقع لجبهة المقاومة في سورية ، انما هي عمل عسكري تكتيكي يخدم مصلحة الجيش الاسرائيلي الاستراتيجية ، المتمثلة في عمل كل ما هو ممكن ، اسرائيلياً واميركياً ، لمنع محور المقاومة من استكمال بناء قدراته العسكرية بشكل يسمح للمحور بازالة "اسرائيل" من الوجود بضربةٍ عسكريةٍ واحدة ، او حتى بدون اللجوء الى الضربة وانما التهديد بها فقط واصدار الاوامر بالبدء بتفكيك هذا الكيان ( اسرائيل ) .
هناك في علم السياسه قاعدة اسمها : قدرات التهديد باستخدام القوة . فالمحور الغربي مقلاً تنازل لالمانيا النازيه عن تشيكوسلوفاكيا ، في مؤتمر ميونخ سنة ١٩٣٨، فقط لان هتلر هدد باجتياحها عسكرياً ،فكان هذا التهديد كافياً لتحقيق الاهداف …!
وبالعودة الى من يلح على ضرورة الرد بمعادلة الضربة بالضربة نقول:
بعد الهجمة الكونية الواسعة على بلادنا من الحيط الى المحيط ، عن طريق الاصيل والوكيل ، اي الامبريالية ومن ثم كل ادواتها واذرعها الحكومية الرجعية والارهابية من كيانات ومجاميع القاعدة واخواتها …فإن اي عمل عسكري تكتيكي ( تكتيكي يعني محدود في جغرافيا معينه – محدود مكاناً وحجماً –  من ميدان العمليات ، الذي هو في هذه الحالة فلسطين وسورية  ولبنان ، يحب ان يخدم الهدف الاستراتيجي ( اي الهدف النهائي الذي بات يشمل كل مساحة مسرح العمليات  الممتد من هرمز الى باب المندب الى البصرة الى بنت جبيل الى حيفا ويافا وغزة ويرمي الى تغيير الواقع المسيطر عليه الآن الى واقع جديد تريده المقاومة ، والمتمثل في العمل المباشر في عملية تحرير فلسطين واخراج كل القوات الاجنبية من العالم العربي وبناء عالم عربي جديد متحرر فعلياً من السيطرة الاجنبية وقادر على استثمار ثرواته لتطوير نفسه وتأمين ازدهار اقتصادي مستدام وحياة كريمة لمواطنيه …
وبالتالي فان كل عمل تكتيكي من نوع الضربة بالضربة خاصة باجندة العدو ،قد يتحول في لحظة الى  الحاق الضرر بالاستعدادات او القدرات العسكرية ، التي يجري اعدادها لتحقيق هذا الهدف  الاعلى، بالاستراتيجيه العامة لمحور المقاومه ويجب تأجيله وكظم الغيظ والابتعاد عن ردود الفعل غير المدروسة . وهذا يعني ، في علم السياسة ايضاً ان التناقض الرئيسي يصبح له الاولوية على التناقض الثانوي . تناقض قوات محور المقاومه ، ومنها الجيش  العربي السوري ، الذي بات عملياً مع كل المشروع الامبريالي الاميركي الاوروبي وليس فقط مع "اسرائيل" واعتداءاتها- كمسرح عمليات-  .
وهكذا يصبح  من المنطقي ان يأتي الرد في اللحظة المناسبة التي يقررها محور المقاومة وليس في اللحظة التي يقررها العدو .
هذا ما قالته المقاومة  الفلسطينيه مبكراً ايضاً في ادبياتها منذ العام ١٩٦٨ وكما جاء في احدى اغنياتها ….( نِحنا اللي نُقرر الزمان ونحنا إللي نِختار المكان…. )زمان المبادره  في يد حلف المقاومة وهو الذي يدير تفاصيل الميدان.
وبالتالي فان الرد على الاعتداءات الجوية  يصبح تفصيلاً ، قد يكون الرد عليه في حسابات استراتيجييي حلف المقاومة ،  متمثلاً في إرسال تعزيزات عسكرية لقوات المقاومه الفلسطينية في غزة او في تعزيز الدفاعات الجويه السورية بانظمة ايرانية أكثر فعاليةً او بتطوير امكانيات حزب الله  السيبرانيه او لقوات المقاومة مجتمعة ، وكل واحدة من هذه سيكون لها دوراً حاسماً في معركة التحرير الكبرى ، القادمة لا محالة وفي وقت قريب .
هذه التفاصيل يقدرها قادة محور المقاومة الميدانيين بطريقة مختلفة عن طريقة التعامل الظرفي زماناً ومكاناً.
اي ان التعامل مع قضية التحرير الوطني بهذه السعة من مسرح العمليات و الاهمية لن تكون  بعقلية العين بالعين والسن بالسن التقليدية ، بل بعقلية علميةٍ هادئة تتقن التخطيط الاستراتيجي وتخلق الظروف المناسبة لتحقيق النصر تلو النصر الاستراتيجي ، وهذه ليست شعارات وانما قواعد علمية لا يقود تطبيقها الا الى النصر الاكبر، في ما  قد يقود الابتعاد عنها الى التعثر واطالة المعاناة .
فن قيادة المعارك وشن الحروب الناجحة بات ارثاً ثقيلاً يحمله قادة من وزن مدرسة الحاج قاسم سليماني والحاج ابو مهدي المهندس والقادة اليمنيين الابطال من جنس الصماد والحاج عماد مغنية وسائر قيادات المقاومة الكامنين للعدو عند بوابات الصعود الى الجليل الاعلى والجولان المحتل ..!
شهداء الدفاع الجوي الذين إرتقو ا في العدوان الاخير هم 
  شهداء الحق
الشهيد البطل #الرائد شرف درويش شبيب
الشهيد البطل #النقيب شرف علي شاهين
الشهيد البطل #الملازم شرف ناهد مصطفى
السلام لارواحكم الطاهرة
فمنهم من قضى نحبه
ومنهم من ينتظر…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى