سياسةمحليات لبنانية

سياسة اللامبالاة والسوق السوداء تصعد الأزمة المعيشية

 

كتب محمد هاني شقير: 
تمارس جميع ادارات ومؤسسات الدولة ،وفي الرأس منها الوزارات المعنية، واحدة من أبشع أنواع اللامبالاة تجاه اللبنانيين ومصالحهم الحيوية وغير الحيوية. فمنذ أيام ولبنان يغرق في عتمةٍ دامسة لم تحرك مشاعر مسؤول واحد في هذه الدولة العتيدة ليخرج الى الناس ويصارحهم بحقيقة ما يجري، ثم يذهب مباشرةً الى حيث يجب، بغية تخفيف هذه الجائحة المتمادية بحق شعبنا والمقيمين أيضًا.

وفي هذا الاطار تنتشر في العالمين الواقعي والافتراضي، معلومات وأحاديث كثيرة عن مافيات تسطو على موارد الطاقة  لتجني منها أرباحًا طائلة في السوق السوداء، لصالح أشخاص وشركات سماها اللبنانيون بأسمائها ونشروها على الملأ كي يعرف القاصي والداني حقيقتها.
ومن ضمن سلسلة الاخفاقات واللامبالاة تلك، جاء بعد ظهر امس، قرار وزارة المالية الذي قضى بتأجيل دفع رواتب المتقاعدين الى ما بعد عيد الأضحى، مبررةً هذا الاجراء  بأن " النظام الالكتروني لدى الوزارة قد توقف لأسباب تقنية ناجمة عن انقطاع التيار الكهربائي، ما أدى إلى تعذر تحويل معاشات المتقاعدين لشهر آب ٢٠٢٠  بالرغم من جهوزيتها في مديرية الصرفيات وسيتم تحويلها إلى المصارف في أول يوم عمل بعد العيد ‎".

ثم من يجروء وقبل يومين من قدوم العيد، أن يمنع عن هذه الشريحة الكبيرة من اللبنانيين حقها في رواتبها، ويضيف لها مأساة فوق مآسيها الكثيرة!؟ ولا سيما وأن الكتلة النقدية التي كان سيجرى أسرها لعدة أيام تبلغ حوالي ٢٨٠ مليار ليرة لبنانية عائدة لعشرات الآلاف من المتقاعدين في جميع الأسلاك العسكرية والمدنية، بما فيها مستحقات الأساتذة المتعاقدين في التعليم المهني الذين يقبضونها مرةً واحدة في السنة، وتقديمات اجتماعية ومدرسية.
كان على وزارة المالية ان تبقي موظفيها التقنيين وغير التقنيين في مكاتبهم، ولا تسمح لهم بالخروج منها قبل ان يستولدوا حلًا لهذه المعضلةٍ التي ما كان يجب أن توجد أصلاً.
غير أنه حصلت تطورات مساء أمس حيث صعد المتقاعدون العسكريون تحركهم، بعد أن كانوا اصدروا بيانًا أدانوا فيه هذا القرار، وقاموا بالتظاهر ليلاً في ساحة الشهداء، وترافق ذلك مع سلسلة من الاتصالات أفضت في النهاية الى إصلاح العطل الذي كان سيبقى حتى ما بعد العيد!
وبعد محادثات  مكثفة بين عدد من  الضباط المتقاعدين والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في ما يتعلق بأزمة رواتب المتقاعدين المستجدة اليوم قام اللواء ابراهيم بعدد من الاتصالات  مع وزارة المالية ومع رئيس جمعية المصارف سليم صفير حيث أكد اللواء ابراهيم ان وزارة المالية قد حولت الى المصارف الاموال المستحقة لجميع المتقاعدين وان صفير اكد تعبئة آلات الatm بما تتطلبه  من مال يغطي رواتب المتقاعدين وان عملية تعبئة الآلات ستستمر يوميا وبالتالي يستطيع المتقاعدون الحصول على رواتبهم من آلات ال atm المنتشرة في مختلف فروع المصارف على كافة الاراضي اللبنانبة

يذكر هذا القرار وتداعياته، بالتعميم الذي كان قد اصدره مصرف لبنان منذ أشهر، وقضى بأن كل من أبقى أموالًا له في المصارف قبل ٣ نيسان سيجري مضاعفتها، وكأن في الأمر فخًا يستهدف الموظفين العاديين  ويزيد من غلة الموظفين الميسورين، إذ كيف يعقل أن موظفًا – على قد حاله- سيترك راتبه في المصرف لايام ثلاث بعد نهاية الشهر! فجميع الموظفين يهرولون الى المصارف لسحب رواتبهم قبل نهاية الشهر بيوم او يومين بحسب تحويل هذه الرواتب الى المصارف. وعادةً الميسورون هم وحدهم، من يتركون رواتبهم في المصارف لعدة أيام، لذلك فهم من استفادوا من ذلك القرار، بينما الغالبية العظمى من الموظفين العاديين خسروا هذه الامكانية ولم يستفيدوا من التعميم الذي صدر بغتة وفي عتمة دهاليز مصرف لبنان آنذاك.
تتعاطى هذه المؤسسات والإدارات العامة الشأن العام بطريقة مريبة وبلا مسؤولية وأحيانًا على الصدمات، مما يدعو الى طرح عشرات الأسئلة وعلامات الاستفهام حول أدائها. فهل يصحو ضمير هؤلاء أقله لجهة القيام بأعمال الوظيفة على خير ما يرام؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى