مصارف

سمير حمود:المصارف جزء من السوق السوداء تمويلا وإدارة

لا يجوز تحميل نقابة الصرافين أكثر مما تحتمل

 

 

كتب حسين حاموش

أكد الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود أن السوق السوداء هي سوق فوضوية ومنظمة، وإدارتها من ممتهنين وحرفيين، واعتقد أن المصارف جزء منها تمويلًا وإدارة.

ورأى حمود في حديث خاص أن أصحاب هذه السوق عيونهم دائمًا على:

1-  كتلة الناس التي تهرب من الاحتفاظ بالليرة اللبنانية واستبدالها بالدولار النقدي الأكثر أمانًا واطمئنانًا في ظل الضائقة الاقتصادية والاجتماعية والمالية وعدم استقرار أسعار المواد الاستهلاكية لا سيما الضرورية منها… .

 

2- التجار وحقهم في الحصول على الدولار المدعوم وغير المدعوم لتأمين الحصول على كامل لائحة المواد المدعومة وغير المدعومة التي تتطلبها سوق الاستهلاك.ولا يستطيع بلد مثل لبنان الذي يستورد 75% من المواد الاستهلاكية- الضرورية والكمالية من الخارج إلا أن يؤمن الدولار النقدي المطلوب لتأمين متطلبات السوق الضرورية- بيعا وشراء- لكي لا تنقطع البضاعة ولا تصبح رفوف التعاونيات والمحال فارغة ما يؤدي إلى أزمة معيشية حادة.

 

3- الخطر الكبير أن هناك 100 مليار دولار محجوزة كودائع بالدولار لدى المصارف، وأنا حذرت عدة مرات من ذلك.

 

أضاف حمود:في هذا المجال لا يستطيع التاجر أن يستفيد بالكامل من تدفقات الدولارات الواردة حيث أن معظم التدفقات يتم استبدالها بشيكات من المستودعين. وهنا دور المصارف في الرقابة على حفظ وجهة استعمال هذه الشيكات للاستفادة الضرورية من هذه التدفقات ولمحاربة تبيض الأموال.

 

وقال: ما يحصل أن المودعين المحجوزة أموالهم والراغبين باستبدالها بدولار نقدي يقومون بعرض الشيكات على أكثر من جهة ،مقابل أن يقبضوا نقدًا 30% أو 27-28% ،أي أن صاحب الشيك يخسر من قيمته نسبة 70% وفي الأيام الأخيرة وصلت الخسارة إلى 67-68% من قيمة الشك المعروض!؟

 

وكشف حمود: في العام 2020 دخل إلى لبنان ما لا يقل عن 7 أو 8 مليار دولار. وفي العام 2021 أتوقع أن ينخفض المبلغ إلى 5 أو 6 مليار دولار.ولكن لا أتوقع أن ينقطع هذا المبلغ بالكامل. فهذا المال بالدولار النقدي الوارد هو من أبنائنا في المهجر في جميع أنحاء العالم. ويمكن أن يرتفع هذا المبلغ أو أن يحافظ على 5 أو 6 مليار دولار.

 

وقال “إن لبنان يستقطب- الحد الأدنى- بين 5 و 6 مليار دولار سنويًا من أجل تلبية احتياجات الاستيراد ،ولكن اذا توقف مصرف لبنان عن تمويل الاستيراد بما لا يقل عن 4 و 5 مليار دولار سنويًا- بما يسمى سياسة الدعم التي هي ليست دعمًا بل هي تغطية الاستيراد بدولار بسعر منخفض ، وإذا أوقف لبنان تلبية السوق بـ 4 و 5 مليار دولار، واستبدال هذا المبلغ بالدولار الوارد من الخارج الذي لن يكون كافيًا لتلبية حاجة السوق، فإن ذلك ينعكس على:

 

أ- استمرارية ارتفاع سعر الدولار النقدي.

 

ب- فراغ الرفوف في التعاونيات والمؤسسات بسبب شح في البضاعة على أنواعها.

 

وأضاف:كنا في الماضي نعيش بحدود الـ 20 مليار دولار، اليوم يجب أن نعيش بحدود الـ 10 مليار دولار بأحسن الحالات، وهذا المبلغ هو من تحويلات أبنائنا في المهجر.

 

وقال:على ضوء ما ذكر أعلاه: بلد مقفل بسبب الكورونا، ومصرف لبنان  يتجه إلى وقف الدعم من احتياطاته لتغطية استيراد المواد الضرورية، فسيكون انعكاس ذلك على ارتفاع سعر صرف الدولار النقدي وانقطاع المواد الاستهلاكية الضرورية- وهما مترابطان مع بعضهما وإذا حصلت على الدولار النقدي من السوق وقمت بشراء البضائع ستواجه حالة مين بدو يشتري؟ بما يعني: ليس هناك قدرة شرائية تصبح مقبولة. سأعطيكم مثلًا :معجون الحلاقة سيصبح سعره في الحد الأدنى بين 20 إلى 25 ألف ليرة. هل نستعمل الصابون لحلاقة ذقوننا؟ ليك لوين رايحين ولوين وصلنا؟!اعتقد جازمًا، إذا استمرينا في هذا الجنون السياسي الذي نحن فيه حيث لا سقف للدولار النقدي في السوق، كما اعتقد أن سعر الدولار حاليًا رخيص مقارنة بما سيأتينا في المستقبل القريب إذا ما استمرينا في هذا الجنون السياسي- الإداري في البلد.

 

ورأى أن المطلوب العودة إلى فتح البلاد، وإلى استقطاب العملية الأجنبية من أبنائنا في المهجر ومن غيرهم ضمن برامج اتفاقيات مع البيوت المالية الدولية.وإلا سيتحول ارتفاع سعر الدولار – محليًا وانقطاع البضائع والأموال الاستهلاكية إلى آفة أو بالأحرى إلى جائحة أمنية واجتماعية واقتصادية ومالية يصعب الإحاطة بها، وكذلك الخوف والخشية أن لا تسطيع الدولة زيادة الرواتب بسبب عدم وجود الايرادات المطلوبة حيث أن ضباط ورتباء وأفراد القوى الأمنية جميعهم وموظفي الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة والمعلمين في جميع مراحل التعليم العام والخاص، باتت رواتبهم على اختلاف رتبهم ومراكزهم ومواقفهم تتراوح بين 50 إلى 60 دولار ومن 100 دولار إلى 300 دولار (إذا ما استمر تصاعد سعر الدولار).هذا إلى صفيحة البنزين التي سيتراوح سعرها بين 60 ألف و 80 ألف ليرة… لوين رايحين؟  من هنا إلى أين؟.

 

وقال:مبلغ الـ 17 مليار دولار هو الاحتياط الإلزامي، هو خط الدفاع الأخير لاستمرارية الدولة وحضورها ودورها. وإذا استخدمنا هذا المبلغ لن يكفينا  سنة أو سنتين. إذا حصل هذا الأمر سيكون ذلك انتحارا للوطن وللدولة وللشعب، وعندها على الدنيا السلام.

 

وحول حصر الملاحقة الجزائية بالصرافين بجرم التلاعب بسعر الدولار وباتهام البعض منهم بجرم تبييض الأموال وختم مؤسساتهم ومحلاتهم بالدولار،قال حمود:   نعود بالزمن إلى الوراء، البلد الأكثر قربًا لنا جغرافيًا- بل تلاصقًا- هو سوريا.كان الصرافون في سوريا منذ منتصف الستينات يلاحقون من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية ويحكم عليهم بالسجن بسنوات بدءا من الخمس سنوات إلى … ولم يؤد ذلك إلى تثبيت سعر صرف الليرة السورية الذي لم يثبت ويستمر إلا عندما جرى تأسيس المصارف السورية وفتح مصارف خارجية ومنها لبنانية ( في سوريا) واصدار مراسيم تنظم مهنة الصيرفة حيث صار بالإمكان تحويل وتصدير دولار من وإلى سوريا.

 

أضاف:الصرافون منهم مرخص ومنهم غير مرخص. وهم تجار عملة مثلهم مثل التاجر بالمواد الاستهلاكية ومثل تاجر الذهب. لايجوز أن تضرب الصراف على يديه ليسعّر بسعر أقل. سعر الدولار يخضع للعرض والطلب. ولكي تضبط حركة الصرافين عليك أن تنظم السوق وليس بالحبس وبتسكير المحلات وخلاف ذلك.باختصار الصرف نتيجة وليس سببًا. والمطلوب أن تعالج الأسباب، لا تحملوا الصرافين أكثر من طاقاتهم. نقابة الصرافة ليست نقابة Ordre كنقابات المهن الحرة، هم مرخص لهم من مصرف لبنان. ومنهم من يلتزم بالشروط ومن لا يلتزم.

وقال: لا يجوز “كل مرة يطلع الضرب بالصرافين”، في المرة السابقة اوقف عدد كبير من الصرافين وجرى الادعاء عليهم … وفي نهاية الاجراءات القضائية صدر قرار من المحكمة المختصة بمنع المحاكمة عنهم.المشكلة هي بالقطاع والنظام المصرفي والمالي!! الحكومة لا يمكن أن تحول نقابة الصيرفة إلى نقابة Ordre لأنها تتحول إلى سلطة ناظمة غير سلطة مصرف لبنان ،ولا يجوز أن يكون هناك سلطتان نظاميتان لسوق مالي واحد.

ماذا عن طبع العملة بدون تغطية؟

 

يجيب حمود:المشكلة ليست بطبع العملية، المشكلة هي بوجود كتلة نقدية بالعملة الأجنبية بالبلد. عام 1992 بلغ حجم الودائع بالعملة الأجنبية 93% من حجم الودائع.البنك المركزي لكي يعيد الثقة بالعملة الوطنية كعملة اقراض وادخار، كان لا بد أن يعمل على استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية. ولولا لم يكن هناك مدين كبير اسمه الدولة اللبنانية لما استمر هذا النمط بالعمل.

 

  • وهل كان المطلوب من النظام المصرفي أن يدير الدولة أم الدولة يجب أن تدير النظام المصرف؟.

 

يقول:كل عملية إقراض بالقطاع المصرفي بالاقتصاد تؤدي إلى خلق كتلة نقدية بالعملة الأجنبية وهذه كتلة داخلية لا يقابلها موجودات خارجية. هذا الخلق أدى إلى كتلة نقدية بالعملة الأجنبية ليس لها تغطية خارجية. ولكن لولا لم نسلف كانت المصارف جميعها أقفلت عام 1992 لا سيما ان البلد هو بلد مستورد وليس مصدر.

 

  • عام 1992 فقز الدولار من 4 إلى 5 ليرات إلى 2800 ليرة. كيف كان يجب أن تعالج الأمر؟

 

  • عام 1993 ،هل كان يجب أن نأمر المصارف بالقوة أن يحولوا ودائعهم من الدولار إلى الليرة اللبنانية  وهذا أمر لا يجوز إطلاقًا.قمنا بالتسليف بالدولار، بما يعني دخلنا في نمط يجب قبوله من سنة إلى سنة إلى أن نجد نموذجًا لكي تغير هذا النمط وتغيير النمط والنموذج كان يقتضي أن تستقر المالية العامة. ولكن راحت الدولة باتجاه الاستمرار بالمديونية. وراحت تصرف. وصارت الدولة المديون الدائم للمصارف، وأصبحت المصارف تأخذ من المودع وتعطي الدولة وتأخذ الفوائد منها.

 

أمام هذا الوضع طلب المصرف المركزي من المصارف: أعطوني أنا وبدوري أنا أعطي الدولة. قبلت المصارف بأن يكون المصرف المركزي صلة الوصل النقدية بين المصارف والدولة. هنا كان يجب على الدولة أن تنظم البنك المركزي وليس العكس. كان يتوجب على الدولة أن تكون هي الراعي الصالح وليس العكس.

 

  • ماذا عن الاحتياط الإلزامي بالدولار؟

 

  • ليس هناك في القانون ما يحدد الاحتياط الإلزامي بالدولار. هناك تعميم يحدد الاحتياط الإلزامي بالدولار. القانون يحدد الاحتياط الإلزامي بالليرة اللبنانية. وصلنا إلى الخط الأحمر. المنطق يقول إذا المصرف المركزي فرض على المصارف أن يودعوا 15% ،مهنيًا وأدبيًا يجب أن تكون هذه الأموال موجودة حقيقة بالدولار النقدي أو بالدولار الخارجي. هناك فرق بين ما أطلب منك أو أقرض عليك. الاحتياط الإلزامي شيء، واحتياط المصرف المركزي شيء آخر.

 

واقترح حمود على المصرف المركزي وعلى المصارف ما يلي: قدموا عرضًا لأصحاب الودائع بأن يأخذوا من ودائعهم ما نسبته 15%- على أن تكون دولارات قابلة للتحويل- نقدًا على أن تصبروا 3 سنوات وفق آلية يتفق عليها.أنا واثق كسمير حمود أن الجميع أو الأغلبية من المودعين توافق على هذا الاقتراح!.

 

وحول ما تبقى كاحتياط إلزامي ( مبلغ 17 مليار دولار) أكد حمود  أن هذا الأمر من مقومات الحياة للدولة، أي ضرورة استمرارية الدولية. هذا المبلغ هو جزء أساسي لاستمرارية الدولة هيبة وكيانًا ووجودًا وحضورًا ودورًا، وذلك على أمل أن تستعيد عافيتها .فبقاء الدولة هو بقاؤنا جميعًا حيث أن اضمحلال الدولة نهائيًا يعني لا بقاء لأي وديعة ولا للمصرف المركزي ولكلنا على جميع الأصعدة.نحن سرنا في الطريق الغلط ويحب أن نعود إلى الأوتوستراد لكي ندخل إلى المفرق الصحيح الذي يوصلنا إلى المكان المطلوب أو المقصود.وأدعو الجميع إلى مخافة الله، فالمشكلة ليست مشكلة أموال ودولارات فقط إنما هي إدارة و حوكمة في القطاع العام أي معالجة حجم القطاع العام، وما هو الموظف المناسب والإنتاجية المطلوبة والراتب المناسب.

 

وختم حمود:عام 2020 وصلتنا مبالغ كبيرة بالدولارات تحول قسم منها إلى شيكات والقسم الآخر جرى إدخاره والاحتفاظ في البيوت.ويتوجب على المعنيين في هذا الشأن ما يلي:

 

أولًا: وضع حل للودائع ولعمليات الشيكات الخارجية واستبدالها بالدولار النقدي.

 

ثانيًا: وضع خطة لمراقبة فعلية للتسعير بما يتناسب مع النظام الاقتصادي الحر وذلك وفق آلية فعلية وليس عبر صور تلفزيونية.

 

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى