سياسةمحليات لبنانية

خطة الحكومة الإصلاحية: هل آن الأوان ليعيش لبنان بحسب قدراته الحقيقية؟

 


دانييلا سعد – الحوار نيوز
بدأت رحلة التغيير الاستراتيجي للخروج من الأزمة التي يمر بها لبنان بعد اتخاذ الحكومة قرار إعادة جدولة الدين العام، رغم الآثار السلبية لمثل هذا القرار على الدولة، لناحية فقدانها لصدقيتها الائتمانية وتراجعها الى مستويات خطيرة في التصنيفات المالية لدى الوكالات العالمية.
واجهت الحكومة هذه الأزمة بجرأة لم نعهدها بالحكومات السابقة، ولوقف التدهور عملت الحكومة، على رغم من انتشار جائحة كورونا، على الاستعانة بالمستشار المالي "لازارد" من جهة وعلى تكثيف اجتماعاتها مع الوفود الدولية لا سيما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
نتيجة لذلك، بشّرنا رئيس الحكومة حسان دياب بإقرار خطة اقتصادية مالية مكتملة ومتكاملة طال انتظارها بحيث اعتبرها سفينة النجاة التي سوف تخلص اللبنانيين من التخبط الذي يعيشونه.
بارقة الأمل هذه تعوّل عليها الحكومة ومعها معظم اللبنانيين للخروج من دوامة الانهيار المالي والاقتصادي المتسارع الذي طال معظم الشعب، من خلال فقدان القدرة الشرائية بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي ومما ترافق معه من غلاء للأسعار بشكل خيالي وفقدان مصادر الأرزاق وارتفاع بنسب البطالة، ولإقناع المجتمع الدولي بجديتها اتخاذ مسار إصلاحي مقابل مساعدة لبنان لانتشاله من الغرق.
وأبرز ما جاء في الخطة قرار الحكومة الجريء والذي دعا وللمرة الأولى الى فك ارتباط الليرة اللبنانية بالدولار الأميركي بشكل تدريجي عند بدء تنفيذ الخطة واستندت الخطة على معدل سعر صرف سيتراوح بين 3500 ليرة للدولار في العام 2020 ويصل إلى 4300 في العام 2024.
ان الاقدام على هكذا خطوة ما هو الا وصفة من وصفات صندوق النقد الدولي، ويمكن توصيفه بحسب النظام الاقتصادي الدولي ب "معالجة الصدمة"، وهو ما يتم تطبيقه في حالات الدول التي تعاني من مديونية عالية وعجز في الميزان التجاري وفي المالية العامة، بحيث يتم اجراء تخفيض حاد للعملة الوطنية بحجة تحسين الضغوط التنافسية الا أنه في واقع الحال سيجلب المآسي على الطبقات ذات الدخل المحدود في بلد لا يوجد لديه بنية تحتية لتحسين الصناعة وبالتالي زيادة الصادرات.

على أن تنفيذ قرار تحرير سعر صرف العملة الوطنية بقي مؤجلا، بحيث أكد الرئيس دياب بأن صلاحية اتخاذ هذا القرار تعود لمصرف لبنان فهل عاد تقاذف المسؤوليات فيما خص هذا الموضوع وخاصة أن الخطة الاقتصادية ككل ترتبط ارتباطا عميقا بتحديد سعر الصرف وخاصة لجهة تطبيق البنود المتعلقة بحجم العجز والدين.
تم التطرق من خلال الخطة الاقتصادية الى مجموع الخسائر التي طالت مختلف القطاعات والمقدرة بنسبة 160 مليار دولار أميركي، ما يعادل 241 تريليون ليرة منها 20 مليار دولار اميركي خسائر البنوك التجارية، و44 مليار دولار مرتبطة بدعم سعر الصرف.
أما بالنسبة لخسائر مصرف لبنان فتشير الخطة إلى أنه سيجري معالجتها من خلال تقييم الالتزامات مع الإشارة بالاستمرار لفترة محددة بصافي موجودات (Negative Equity) وهكذا تتقلص الخسائر الى حد ال 102 مليار دولار اميركي.
ركزت الخطة على أيضا على عدة نقاط انقاذية:
– استعادة الأموال المنهوبة من خلال اجراء تحقيقات مالية.
– إستعادة الأموال التي هربت منذ 17 تشرين الأول 2019 وفي ظل تطبيق الكابيتال كونترول.
– استرجاع توزيعات الارباح وأموال الهندسات المالية التي وزعت على البنوك.
– استرجاع الفوائد الفائضة التي دفعتها البنوك للمودعين.
– استخدام عدد من أصول الدولة وإدارتها بشكل فعال يتيح الحصول على مداخيل إضافية.
تم التركيز أيضا على أن تخفيض قيمة الليرة اللبنانية رسمياً في بداية تنفيذ برنامج الإصلاح. سيعزز الشفافية ويحسن السيولة في سوق الصرف ما يدعم إعادة التوازن الاقتصادي. هذه الإصلاحات الهيكلية ستحسن من القدرة التنافسية، وبالتالي تؤدي الى تعزيز الإنتاج والصادرات. كما سيشجع تطوير القطاعات الواعدة، مثل تكنولوجيا المعلومات والتصنيع والزراعة، بالإضافة إلى القطاعات التقليدية في لبنان مثل المالية السياحة والبناء.
واللافت هنا كان أن مصرف لبنان والحكومة سيستمرون بإيلاء اهتمام خاص للواردات ذات الأولوية (القمح والأدوية والبنزين) واتخاذ الإجراءات اللازمة "لحماية الشرائح الأكثر فقرا"، فهل يعني هذا أن الدولة يمكن أن توقف دعم استيراد هذه الأساسيات وبالتالي الحاق الضرر بالطبقات الفقيرة ؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى