أدب وشعراجتماعياتثقافة

حسن العبد الله ..القصيدة التي ترنّم بها الأصدقاء(واصف عواضة)

 

كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز

لم يكن حسن العبد الله شاعرا رقيقا فقط.كان حسن قصيدة لطالما ترنم الأصدقاء بحلاوتها وتذوقوا ظرفها وتنعموا بطراوتها،لدرجة كانت تبدو المجالس ناقصة في غيابها.

رحل حسن العبد الله الشاعر المبدع والكاتب القدير والمثقف المتمكن والمتكلم الممتع والرسام الرائع والشخصية العصامية النزيهة،وقد ودعته الخيام والجنوب اليوم ،ووري في الثرى في تلك البلدة الجنوبية الأبية التي لطالما تغنى بدردارتها ونهل من معينها قصيدته الخالدة “أجمل الأمهات” التي صارت بوسع الدنيا يوم شغّل الفنان مرسال خليفة أوتار عوده في صياغة ترانيمها.

حسن العبد الله الذي عزله المرض عن أصدقائه وساحته رحل أمس عن 79 عاما ،بعد مسيرة أدبية طويلة،كواحد مميز من شعراء الجنوب،وكاتبا مبدعا في أدب الأطفال،ورساما أنجز نحو أربعين لوحة تعكس الطبيعة التي تحضر بقوة في قصائده.

أصدر حسن عبد الله أربع مجموعات شعرية هي: “أذكر أنني أحببت” (1978)، “الدردارة” (1981) وهي قصيدة طويلة، و”راعي الضباب” (1999)، و”ظل الوردة” (2012).

كان حسن حبة طيبة في عنقود النخبة المثقفة.شعر بالغربة يوم فقد معظم رفاق الدرب:محمد وعصام وعماد العبد الله ،بلال شرارة، عصام محفوظ، نزيه خاطر، موسى وهبة، غازي قهوجي، عادل فاخوري، رياض الريس، عناية جابر، منى السعودي، أنسي الحاج، أمين الباشا، رضوان الأمين وآخرون.كلهم رحلوا ،وبقي طيف من الأصدقاء كان حسن يتأسى به إلى أن دهمه المرض وخطفه القدر من هذا الطيف.

الدردارة

  “الماء يأتي راكباً تيناً وصفصافاً

  يقيمُ دقيقتين على سفوح العين

ثم يعود في “سرفيس”  بيروت – الخيامْ”.

بهذه الكلمات المؤثرة يستهل حسن عبدالله قصيدته “الدردارة” قبل نيّف وأربعين عاماً.

يقول صديق عمره شوقي بزيع:الآن قرر الشاعر الذي أهدى الى الماء أعذب ما جادت به قرائح الشعراء من قصائد، أن يعود برفقته الى الجذوع العميقة للينابيع الأم، حيث لا تملك الدموع أن تحاكي طهارة قلبه الطفولي، ولا تجد السهول ما يكفي من الإنكسار الحنون، لكي تنقل صوته الى سنابل القمح. وداعاً يا أنبل الشعراء، وأغزرهم موهبة، وأكثرهم تواضعاً ونزاهة، وتعلقاً بالظلال. وداعاً حسن عبدالله”.

أجمل الأمهات

يوم أطلق مرسال خليفة أغنية “أجمل الأمهات” تساءل العامة من هو هذا الشاعر الرقيق الذي كتب هذه الكلمات الرائعة.كنا أصدقاؤه نعرف أنها رائعة حسن بأحاسيسه الجياشة التي دخلت مخدع كل أم في جنوب المقاومة وفي لبنان والوطن العربي كله:

 أجمل الأمهات التي انتظرت إبنها
أجمل الأمهات التي انتظرتهُ،
وعادْ
عادَ مستشهداً.
فبكتْ دمعتين ووردة
ولم تنزوِ في ثياب الحداد
***
لم تَنتهِ الحرب
لكنَّهُ عادَ
ذابلةٌ بندقيتُهُ
ويداهُ محايدتان….
***
أجمل الأمهات التي… عينها لا تنامْ
تظل تراقبُ نجماً يحوم على جثة في الظلام
***
لن نتراجع عن دمه المتقدّم في الأرض
لن نتراجع عن حُبِّنا للجبال التي شربت روحه
فاكتست شجراً جارياً نحوَ صيف الحقول.
صامدون هنا، (صامدون هنا) قرب هذا الدمار العظيم،
وفي يدِنا يلمعُ الرعب،

 في يدِنا.

في القلبِ غصنُ الوفاء النضير.
صامدون هنا، (صامدون هنا) …

 باتجاه الجدار الأخير

********************************

لو كان لمقهى الويمبي أو منتدى الروضة أن ينطقا بلسان، لتحدثا عن حسن العبد الله،وقد ظل يحرث الطريق بينهما لسنوات طويلة ويلقي همومه وهموم البلد على عاتق الأزمة.لقد عاش حسن زمنين:زمن العزّ الجميل للبلد ،وزمن الإنهيارالمدقع .حسبه أنه رحل قبل أن يشهد المزيد من زمن السقوط المدوّي.

رحم الله حسن العبد الله وأسكنه فسيح جنانه.

و”الحوار نيوز تعزي نفسها بغيابه ،كما تعزي العائلة الكريمة والأهل والأصدقاء.والسلام لروحه.   

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى