سياسةمحليات لبنانية

جنبلاط يكرم ممثلة صفقة القرن بميدالية كمال جنبلاط!

 

طبيعي أن يستقبل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط السفيرة الأميركية الزابيث ريتشارد في لقاء وداعي لقرب انتهاء مهامها في لبنان، فجنبلاط تربطه علاقة جيدة مع الجانب الأميركي وهذه العلاقة تعمقت قليلا بعد شعور جنبلاط بأنه مستهدف من قبل المحور المعادي للمشاريع الأميركية في المنطقة وهو شعور يحتاج الى نقاش جدي، لأنه شعور نفسي خاص لا مؤشرات لديه سوى في مخيلة جنبلاط.
فالمحور المعادي للمشاريع الأميركية كان شريكا لجنبلاط لعقود مضت ووقف الى جانب جنبلاط في معاركه الخاصة وفي المعارك الكبرى لتي خيضت وكان جنبلاط رأس حربة وطنية وقومية فيها.
وطبيعي أيضا أن يستبقيها على مائدة الغداء، ففي ذلك تقليد ومن عادات البيت الجنبلاطي المفتوح على الكرم والأصول اللبنانية.
لا نعتقد البتة أن استقبال جنبلاط أي موفد أميركي يعني بالضرورة تطابق في وجهات النظر ،ولطالما إختلف جنبلاط مع الجانب الأميركي وقدم النصح، إلا أن ما اساءنا هو أن يقدم وليد جنبلاط "ميدالية كمال جنبلاط" للسفيرة ريتشارد في لحظة يعلن فيها الأميركي بكل وقاحة شطب فلسطين من خارطة الوجود وبيعها بالمجان للكيان الغاصب.
ميدالية كمال جنبلاط لا تمنح لممثلة "صفقة القرن".
لطالما كانت "نصرة القضية الفلسطينية، معيار التقدم أو الانحطاط عند كمال جنبلاط. وهو الذي خاطب النواب والحكومة في المجلس النيابي العام 1973 فقال: “لشعب فلسطين الحق في الوجود المبني على العدل والكرامة. لم يتفوه أحد باسم الكرامة عندما امتهنا نحن كرامة الإنسان، بذلك العدوان الطائش على مخيمات الفلسطينيين.. وتابع يقول: اللاجئ له وضع دولي، لا يضرب بالطائرات ولا بالمدافع ولا بسواهما من الأسلحة. ونحن امتهنا كرامة الإنسان في أعز ما يتمثل به الإنسان”.
وتحت عنوان “خطأ التشوف” قال كمال جنبلاط: “يخطئ بعض الحكام في تصورهم، أن إسرائيل – وهي وجه لوجوه “الوحش” من جيل إلى جيل في كينونة المادّة والجاه والمجد، يخطئ هؤلاء الحكام إذا واجهوا إسرائيل بغير منطق العنف والمال. ويخطئ العرب أيضاً إذا انتظروا الفرج والسلام من “الوحش” الآخر الأميركي، المرتكز إلى سياسة غلبة العنف والمال. فهو أيضاً لا يفهم لغة الأخلاق والعمل والإنسانية” (الأنباء: 23/11/ 1973).
وظهرت الثوابت القومية والفلسطينية عند كمال جنبلاط أكثر ما ظهرت تجاه القضية الفلسطينية، عندما أصدر بيانه التاريخي في 12/4/1974، والذي أعلن فيه بالصوت المدوي، حيث تحدث فيه، عما يجب أن يكون عليه الموقف العربيّ من حالة اللاسلم واللاحرب، وحيث يكون الموقف من القضية الفلسطينية فوق كل اعتبار.
كان كمال جنبلاط على الدوام نصيراً تاريخياً للقضية الفلسطينية وعلى المنابر، ونصيراً تاريخياً أخوياً للمقاومة الفلسطينية في جميع الساحات والمحافل، وكان دمه الذي سال على أرض الشهادة في 16 آذار 1977، قد روى تاريخه الأمجد في النضال إلى جانب فلسطين أرضاً وشعباً ومؤسسات. فجاء الزعيم الوطني وليد جنبلاط، فجعل من دم المختارة، حبراً لرسالة المختارة إلى جميع الجهات في الوقوف المشرف حتّى الشهادة لنصرة فلسطين والدفاع عن حقوقهم المسلوبة في الوطن المحتل وفي مهاجر الشتات.
واليوم، أكثر من أيّ يوم مضى من التاريخ النضالي الواحد بين الحزب الاشتراكي والشعب الفلسطيني ومؤسساته المنبثقة عن إرادته، يمضي وليد جنبلاط في شدّ الكوفية الفلسطينية على عنقه وعلى عنق النائب تيمور جنبلاط، وعلى عنق أنجاله وأهل بيته كافة وعلى عنق وزرائه ونوابه ورفاقه ومحبيه ومؤيديه في لبنان والعالم، ليقول بالفم الملآن لا لصفقة القرن بين ترامب ونتنياهو، مهما كان الوعيد والتهديد. ولا لتجويع الشعب الفلسطيني وحرمانه من حقه في المدرسة والطبابة والدواء فالشعب هو الشعب والعهد هو العهد، والرهان على القتلة والمجرمين والجائرين والمبطلين والمترددين والخائفين في لبنان أو في أيّ مكان كان، إنما هو رهان خاسر، لأن التاريخ سوف لن يرحم الظالمين الّذين باعوا المسيح قبل طلوع الفجر بثلاثين من الفضة. وأن جسر السلام لا يكون إلاّ بالنضال، لا بالذل والارتهان كما في وصية كمال جنبلاط التاريخيّة لنا جميعاً.
هل هكذا نحفظ إرث كمال جنبلاط الوطني والقومي؟
الا يدرك جنبلاط بأن صفقة القرن تعني في ما تعني وضع اليد على مرتفعات جبل الشيخ واراض واسعة من عقارات شبعا وكفرشوبا؟
الا يدرك بأن الأميركي يريد تدمير قوة لبنان حتى يتمكن من فرض شروطه عليه في قضايا التوطين والنفط والسيادة والحدود الآمنة التي قد يصل مداها الى المختارة؟


 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى