السفير د. جواد الهنداوي -بروكسل*
تتمة لما كتبناه في الامس عن القرار الذي اصدرته المانيا واصفة فيه حزب الله اللبناني منظمة ارهابية ، ندوّن ادناه ما لدينا من معلومات و رأي عن الموقف المتوقّع للاتحاد الاوربي و كذلك موقف بعض الدول الأوربية ، المعنية اكثر من غيرها، بالساحة اللبنانية وبالشرق الاوسط ،و خاصة فرنسا و ايطاليا.
أستدارت المانيا عن حزب الله وكان بينهما وصالٌ محدود ولكن بالعلن ، وثقة متبادلة في وعود و عهود الوساطة في تبادل الاسرى بين اسرائيل من جهة ،والحزب من جهة أخرى . ليس لالمانيا ايّة مصلحة سياسية في القرار، لا، بلْ لقي القرار استغراب و استهجان بعض السياسيين الألمان و كذلك الشعب الألماني ، ويمسُ القرار مكانة و هيبة ألمانيا، و لاسيما يأتي في وقت تتفاوض فيه امريكا مع حركة طالبان الافغانيّة التي أمعنت في قتل الجنود الامريكيين، تمارس، وفقاً لسياسيين ومختصين امريكيين، عمليات ارهابية في أفغانستان. معيار الفرق و التمييز بين حركة طالبان و حزب الله، عند امريكا والغرب، هو ان حركة طالبان تقتل جنود امريكيين ولكنها لا تقتل اسرائليين ولا تقاوم ضد الاحتلال الاسرائيلي!
أصدرت المانيا قرارها و لبنان يمّرُ في ظروف غير اعتيادية حرجة ، و بقيادة حكومة واصلاحية، اقدمت على خطوات جادة في محاربة الفساد ، ويصفوها اغلب ألمحلليين السياسيين بانها " حكومة حزب الله "، و تحظى هذه الحكومة بتأييد و دعم سياسي من فرنسا، و وعود فرنسية بدعم مادي و من خلال البنك الدولي.
قرار المانيا ،الخجول في حجّته تجاه حزب الله حيث اتخذ شعار الحزب و ليس اعمال الحزب مُسبّباً للقرار، وموقف فرنسا الداعم سياسياً و مادياً لحكومة لبنانية ،تُوصفْ بانها حكومة حزب الله او قريبة منه، هما حالتان تسترعيان توقفنا وأستفهامنا؟
هل هنالك تشاور مُسبق بين الحكومتيّن او بين أجهزتهما المعنية حول الموضوع ؟ لاسيما وأنَّ المانيا و فرنسا هما نواة الاتحاد الاوربي اقتصادياً وسياسياً.
لا نستبعد مطلقاً ذلك ، وقد سبقَ القرار الألماني تجاه حزب الله، والموقف الرسمي الفرنسي المؤيد و بحرارة لحكومة لبنان ،تفاهم أمريكي فرنسي ( بين الرئيسيّن) بتولي فرنسا متابعة و رعاية حصرية للملف اللبناني. لماذا هذه الرعاية الحصرية الفرنسية للملف اللبناني الآن؟
يكاد ان يكون لبنان ضمن حسابات الامن القومي الفرنسي، وهي ( واقصد فرنسا ) ولاعتبارات عديدة تأريخية وسياسية و اجتماعية وثقافية أولى بالرعاية والاهتمام والمتابعة للشأن اللبناني من باقي دول العالم.
وما هو جديد و دافع لفرنسا اليوم من أنْ تؤثّر ايجاباً في الساحة اللبنانية الداخلية والخارجية هو العلاقة الإيجابية بين السيد ميشيل عون ،رئيس الجمهورية اللبنانية و فرنسا من جهة، وبينه (اقصد رئيس الجمهورية ) و حزب الله من جهة أخرى ، ومثل هذه الحالة، انسجام وتعاون وثقة بين حزب الله والحكومة و رئاسة الجمهورية ،حسب علمي، لم تحصلْ من قبل.
أمرٌ يسّهل على فرنسا إسماع رسالتها الى الجميع ،و بضمنهم ،حزب الله الذي يثق بالرئيس عون من إيصال اية رسالة و بأمانة.
لن نتوقع تداعيات سلبية لقرار المانيا، لا على مستوى الاتحاد الاوربي و لا على مستوى الدول الأوربية. ليس لالمانيا النيّة والإمكانية على تحريض بعض الدول الأوربية للسير على خطاها تجاه حزب الله، وهذا ما يفسّرُ الاحادية الألمانية للقرار وليس الصفة الأوربية للقرار.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات-بروكسل