حرب غزةسياسة

تفاؤل بايدن بالهدنة بين الرغبة الأميركية والواقع الذي وصلته المفاوضات (حلمي موسى)

 

كتب حلمي موسى من غزة:

أثار تصريح متفائل للرئيس الأمريكي جو بايدن حول اقتراب إعلان اتفاق لتبادل الأسرى وهدنة بين إسرائيل وحماس ردود فعل متناقضة في طرفي الصراع. وفيما رأى كثيرون أن موقف بايدن هو أقرب إلى رغبة تبذل الإدارة الأمريكية جهدا كبيرا من أجل تحقيقها، وخصوصا بالضغط على إسرائيل، قال آخرون إنها تعبر عما وصلت إليه المفاوضات فعلا بين الطرفين.

وعلقت أوساط إسرائيلية على هذا التصريح بقولها إن نتنياهو “تفاجأ” بما قاله بايدن، وأن الرئيس الأمريكي استبق رد حماس غير الواضح حتى اللحظة. ومع ذلك يقر كثيرون بأن تفاؤل بايدن له ما يبرره وأن التصريحات الفلسطينية قريبة من التفاؤل وأن العقبة لا تزال تكمن في الجانب الإسرائيلي الذي توجه إدارة بايدن نحوه ضغوطها.

وكشف المراسل السياسي لموقع “والا”، باراك رافيد، في مقابلة إذاعية أن الرئيس الأمريكي يمارس ضغوطا على نتنياهو في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. واعتبر أنه “من المستحيل فرض اتفاق على إسرائيل، حتى لو أوقف جو بايدن جميع المساعدات العسكرية لإسرائيل غداً، فأنا لست متأكداً من أن ذلك سيؤدي إلى وقف إطلاق النار”.  و”لذلك، لا أعتقد أن هناك نية هنا للإملاء، هناك رغبة في تشكيل ديناميكية. رسالته الأوسع هي ما سيحدث إذا توصلنا إلى وقف إطلاق النار – فهذا يفتح باب العديد من الفرص العظيمة أمام إسرائيل مثل السلام مع السعودية”.

وأعرب رافيد عن تشاؤمه بشأن قدرة نتنياهو على قيادة هذه التحركات داخل حكومته، “لذلك فقد وصل إلى مرحلة أنه مع هذه الحكومة سيكون من الصعب رؤية كيف يحدث ذلك، وبالتالي فإن إسرائيل معرضة لخطر فقدان الدعم الدولي”.. “سيقول الكثير من الناس أن هذا ربما حدث، وقد حدث بالفعل خسارة إسرائيل جزءا كبيرا من الدعم الدولي. وحتى الآن، فإن هذا الحدث يبتعد أكثر فأكثر”.

وفي مقابلة مع شبكة NBC، أعلن الرئيس الأمريكي أنه إذا واصلت “الحكومة المحافظة جدا في إسرائيل مع بن جفير وآخرين سلوكها، فإن ذلك سيضر بالمصالح الإسرائيلية ما قد يتسبب في خسارة إسرائيل دعم العالم”. وأشار إلى أن وقف إطلاق النار في غزة سيمنح الوقت للتحرك في الاتجاه الذي تكون العديد من الدول العربية مستعدة للتحرك فيه.

وقال الرئيس الأمريكي: “المملكة العربية السعودية مستعدة للاعتراف بإسرائيل، وست دول عربية أخرى مستعدة”. وخلص إلى أن ” خلاصة القول إن هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستنجو بها إسرائيل في النهاية – وقد تعرضت لانتقادات لقولي إنه ليس من الضروري أن تكون يهوديًا لتكون صهيونيًا. أنا صهيوني، ولكن هذا هو الأمر: إنهم بحاجة أيضًا إلى الاستفادة من دعوات السلام والأمن الموجهة للإسرائيليين وكذلك للفلسطينيين، والتي تستغلها حماس”.

وأضاف أنه “إذا حققنا وقف إطلاق النار المؤقت فيمكننا التحرك في اتجاه تغيير الديناميكيات. ليس تحقيق حل الدولتين على الفور، بل عملية ستقودنا إلى حل الدولتين. لضمان أمن إسرائيل واستقلال الفلسطينيين دون أن يتمكنوا من تهديد إسرائيل.هناك طرق للقيام بذلك”.

ورأت “يديعوت” أن الرئيس الأمريكي يهاجم الحكومة الإسرائيلية بشدة، ويذكر على وجه التحديد الوزير إيتمار بن جفير الذي سبق له أن هاجم بايدن وامتدح ترامب. وكانت صحيفة وول ستريت جورنال أجرت مقابلة مع بن جفير مطلع الشهر، قال فيها عن بايدن إنه “بدلاً من أن يقدم لنا الدعم الكامل، فإنه مشغول بتقديم المساعدات الإنسانية والوقود لغزة ، التي تذهب إلى حماس”. وأضاف بن جفير للصحيفة الأمريكية: “لو كان ترامب في السلطة، لكان سلوك الولايات المتحدة مختلفا تماما”. أي لمنح إسرائيل حرية أكبر لقمع حماس.

في كل حال يبدي إسرائيليون كثر تقديرهم بأن تفاؤل الرئيس بايدن، بشأن حدوث انفراجة في المفاوضات بحلول يوم الاثنين المقبل، مبالغ فيه بالفعل، لكنه ليس منفصلا تماما عن الواقع، حيث بنى كلامه على التقارير التي تلقاها من وكالة المخابرات المركزية ومستشار أمنه القومي، والتي تفيد بأنه تم إحراز بعض التقدم في المحادثات. الأمر شبه المؤكد هو أنه لن يتم التوصل إلى اتفاق حتى يوم الاثنين المقبل، لكن ليس من المستحيل أن يتم التوصل إلى اتفاقات في الأيام التالية، حتى قبل شهر رمضان.

وبجسب يديعوت يشهد المطلعون على المحادثات أن حقيقة المحادثات تقع في مكان ما بين التفاؤل الكبير للأميركيين والتصريحات اللاذعة لكبار مسؤولي حماس، الذين أكدوا أن حماس تشعر بخيبة أمل من خطة باريس. صحيح أن الوسطاء قاموا بصياغة الخطوط العريضة بناءً على الاتفاقات التي حصلوا عليها من حماس مسبقاً، الأمر الذي أعطى نوعاً من الجواب الإيجابي على الإطار، لكن حتى الآن لم تقدم حماس في قطاع غزة إجابات في ما يتعلق ببعض عناصر الصفقة، لذلك لا يزال من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان سيتم.

وأشارت “يديعوت” إلى أنه من السابق لأوانه امتداح المحادثات، إذ أن هناك فعاليات لا بد من تنفيذها، وهي بالفعل تنفذ في هذا الوقت من جانب فرق العمل الإسرائيلية في الدوحة، التي تعمل بشكل مباشر مع مصر وقطر وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. كما أن حماس لم ترد حتى الآن على تنفيذها أجزاء كاملة من المخطط، والطريق طويل وصعب، لكن الوسطاء والمطلعون على المحادثات يقولون إن هناك شعورا بالتقدم الحذر، إلى جانب تحديات كبيرة في المستقبل القريب، حتى أنه تم إنشاء غرفة عمليات خاصة في الدوحة لغرض معالجة المعلومات الاستخبارية وتوفير الأجوبة، وتشكيل النسيج الدقيق للاتفاق، على بنوده وكل تفاصيله التي قد يتضمنها.

 ويجلس الوفد الإسرائيلي في غرفة العمليات ويعمل جنباً إلى جنب مع الأميركيين والمصريين والقطريين بهدف إحلال الهدوء حتى قبل شهر رمضان.

وقد نشرت وكالة رويترز صباح أمس (الثلاثاء) تقريرا عن اقتراح تمت صياغته في محادثات باريس وعرض على حماس لوقف إطلاق النار في الحرب وتبادل الأسرى . وأفاد مسؤول كبير مطلع على تفاصيل المحادثات أن الاقتراح يتناول المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار الذي يستمر 40 يوما، ويتضمن إطلاق سراح 10 أسرى فلسطينيين مقابل كل أسير إسرائيلي. تجدر الإشارة إلى أن هذه النسبة، بحسب التقرير، أعلى بكثير من تلك المحددة في الصفقة السابقة، والتي كانت تتمثل في إطلاق سراح سريع واحد لكل ثلاثة أسرى.

وينص الاقتراح على أنه يجب إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، بما في ذلك النساء والمختطفون الذين تبلغ أعمارهم 19 عامًا أو أقل والبالغون الذين تبلغ أعمارهم 50 عامًا أو أكثر والأسرى المرضى، في مقابل عدد محدد من السجناء الفلسطينيين يتم تحديده مسبقًا. وكما ذكرنا، فإن الاقتراح يتناول المرحلة الأولى من الهدنة، عندما يفهم الطرفان أن تفاصيل المرحلة الثانية سيتم تحديدها في المفاوضات المقبلة. وتشمل المرحلة الأولى إطلاق سراح 40 أسيراً من المختطفين المدرجين في الفئة الإنسانية، مقابل إطلاق سراح نحو 400 أسير فلسطيني من سجون إسرائيل.

وينص الاقتراح على وقف إطلاق النار بشكل كامل من الجانبين لمدة 40 يومًا، وتوقف الدوريات الجوية للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة لمدة ثماني ساعات يوميًا. ويتناول الاقتراح المقدم إلى حماس أيضًا العودة التدريجية لجميع النازحين الفلسطينيين إلى شمال غزة. باستثناء الرجال الذين هم في سن التجنيد العسكري.بعد بدء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، ستقوم إسرائيل بسحب قواتها من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في قطاع غزة.

وفي ما يتعلق بالمساعدات الإنسانية وإعادة إعمار قطاع غزة، يتضمن الاقتراح الالتزام بإدخال 500 شاحنة مساعدات إنسانية يوميا، وتوفير 200 ألف خيمة و60 ألف كرفان. سيُسمح لسكان غزة بإعادة تأهيل المستشفيات والمخابز، وستشمل إعادة التأهيل إدخال المعدات الأساسية وتوفير شحنات الوقود لهذه الأغراض، حيث يجب أن يكون هناك اتفاق على الكمية. ستوافق إسرائيل على إدخال آلات ومعدات “ثقيلة” إلى غزة تسمح بإزالة الأنقاض وتقديم المساعدات لأغراض إنسانية مختلفة، مع توفير الوقود لهذه الأغراض.

وكتبت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الاقتراح سيسمح بالإفراج عن 40 مختطفاً. وأنه بالإضافة إلى مجندات خمس، سيتم إطلاق سراح 35 مدنياً، بينهم جرحى من المختطفين. ومن بين الـ 35، هناك سبع نساء تعتقد إسرائيل أنه كان ينبغي إطلاق سراحهن في صفقة المختطفات في تشرين الثاني/نوفمبر. ومن أجل إطلاق سراح هؤلاء المختطفين السبعة، عرضت إسرائيل إطلاق سراح 21 فلسطينيا من سجونها: بنسبة 1 إلى 3، كما كان الحال في الصفقة السابقة.

 

  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى