سياسةمحليات لبنانية

الغباء السياسي اللبناني والدور الصهيوني بالتدمير المبرمج

 


د. بشارة نجيب حنا
لم يظهر التاريخ سوى قلة من الزعماء القادرين على السير بالوطن اللبناني الى القمة ،وقد كان من المفترض تبعا للقانون الطبيعي للنمو السكاني ان يكون عدد السكان اللبنانيين المقيمين يتجاوز ال 10 ملايين نسمة، وقد كان من المفترض ان يكون ايضا الناتج الوطني يتجاوز ال300 مليار  دولار سنويا، ولكن الغباء السياسي الذي يدعي الحفاظ على هذا البلد وكل من السياسيين لا يحافظ سوى على مصالحه الانية وليس حتى المذهبية، وقد تبين ذلك من الممارسات الشاذة التي نسجها كل مسؤول في كل فريق.
ففي البداية كان الخصام والتقاتل ما بين الشيعة والدروز في القرن الخامس عشر الى بداية القرن السادس عشر، ومن ثم تحول الى صراعات مذهبية مناطقية ضيقة ما بين مختلف الفئات التي تعيش في مناطق جغرافية محدودة تدافع عن مصالحها الانية وقد لعب المسيحيون ادوار غير متوازنة اذ لم يستطع المسؤولون عندهم من فرز زعماء افذاذ محنكين، ولو حصل ذلك لكانوا قادرين على تفادي المجاعات والحروب المدمرة التي خيضت وحصلت منذ مطلع القرن العشرين وقبل بدء الحرب العالمية الاولى ،حيث حصل اصطفاف ملحوظ نحو الغرب فتسبب ذلك بعداء مفرط للدولة العثمانية في حينه ،ما تسبب بمجاعة مهولة ذهب نتيجة لها 200000 قتيل من منطقة جبل لبنان ( وقد كان يمكن ان يصل بتكاثر هؤلاء الى حوالي مليون نسمة ونصف) ،وقد استمكل المسؤولون المسيحيون هذه المسيرة بالتمهيد الى الحرب الاهلية التي كان لها جذور متشعبة واصول متعددة يتداخل فيها الغربي والصهيوني وبعض العرب. 
غير ان باع الصهاينة كان طويلا جدا وتسبب تدخله المباشر عبر عملاء من مختلف الطواف والمناطق الى اذكاء نار الفتنة التي اندلعت وتفشت على مصراعيها وتسببت بتراجع اقتصادي كبير لدور لبنان في المنطقة الشرق اوسطية ،هدر الطاقات اللبنانية عبر الهجرة التي تجاوزت ال 2 مليون نسمة ما بين 1975 و ال 2020 وحرم لبنان من طاقات انتاجية تقدر سنويا بأكثر من 250 مليار دولار؛ وعبر خسارة حوالي 160000 قتيل ومفقود من الشعب اللبناني وما يزيد على 200000 قتيل مما تسبب بخسارة قدرة انتاجية داخلية تفوق ال 75 مليار دولار اضافية.
ولم يكتف الصهاينة بهذا الحد بل عمدوا الى نشر الفوضى عبر اقتتال المذاهب والطوائف، وكان افظعها القتال الدامي والمدمر الذي نفذه الصهاينة والغرب ما بين القوات اللبنانية وقوات الجيش اللبناني التي كانت تأتمر برئاسة العماد ميشال عون. 
ومع بداية العودة الى الهدوء مطلع التسعينات وبداية استعادة النهوض الاقتصادي لم يهدأ النشاط الصهيوني ولم يكن راضيا ابدا عن النمو الذي يسجله لبنان ؛ وعمد الى استعمال اساليب مختلفة ومتنقلة من اسلوب شيطاني الى اخر استهدف ،طورا القطاع المصرفي وطورا القطاع الاقتصادي باكمله، للاستمرار بتدمير القطاعات الاقتصادية، ساهم الفاسدون والجشعون بتسريع التدمير الاقتصادي المبرمج ،ما ادى الى خسارات متراكمة وصلت الى ما يزيد على 435 مليار دولار ما بين 1992 وال 2019 ،استكمل بعد ذلك التدمير بوجود الفئات اللبنانية المختلفة في قمة الفساد بتدمير المرفاء ومدينة بيروت كما لم يحصل من قبل عبر ضربة نووية تبعا للخبراء المحليين والدوليين بالطاقة الذرية ما ادى الى خسائر مباشرة وغير مباشرة تفوق ال 50 مليار. 
كل ذلك حصل بثوان قليلةويقوم اللبنانيون بالتراشق المعيب للاتهامات غير المنطقية ويتناسون سبب هذه الكارثة الوطنية التي سوف تتسبب بخسارة القسم الاخير من اللبنانيين الاكثر إنتاجية، اذ نعتقد أن عدد المهاجرين سوف يصل الى اكثر من مليون لبناني ولن يتبقى منهم مقيم على الاراضي اللبنانية سوى اقل من ثلاثة ملايين نسمة ونصف لا حول لهم ولا قوة يشكون الجوع والفقر المدقع ويتخاصمون في ما بينهم عبر الات التخاصم التي يبدعها السياسيون.  ولتفادي هذه الواقعة الكبرى يطلب من السياسيين الذين تبقى لهم شيئا من الضمير ان يسعوا مع من بإستطاعتهم ذلك ان يوفروا مع مراكز التمويل الدولية والعربية الى الحصول على برنامج اعمار ضخم جدا تصل قيمة المساعدات فيه الى حدود ال 30 مليار دولار تبرمج مدفوعاته الى الاعمار دون المرور بوسائل الفساد اضافة الى المساعدات الاخرى التي كانت مبرمجة من قبل العدوان الصهيوني الاخير على بيروت ومرفأها في الرابع من اب 2020 ،والا عدا ذلك على الدنيا السلام وهذا ما حذر منه وزير خارجية فرنسا اخيرا، اذ انه يحسن قراءة الوقائع والمشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي عكس ما يدعي به العديد من المسؤولين السياسيين اللبنانيين
فهل ستتعلمون؟
نرجو ذلك،وامل ان يكون لقاؤنا في مرحلة الاعمار وليس في مرحلة الهجرة والخراب. 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى