رأي

فصل من رسالة المقهورين في لبنان (نسيم الخوري)

 

بقلم الدكتور نسيم الخوري

 

كان يعلّمني أبي وأنا طفل في حضنه فيقول: إذا أبرق لك يوماً من فوق بدور كبير كبير وكنت ما زلت مؤمناً، فلا تتردّد يا بني، بل اعقل وتوكّل وادمغ صلاحك تعريةً لمن حولك من الطغاة فلا يقيهم صقيع الثروات المسروقة من جيوب الرعايا في الديار وخلف البحار.

لبنان؟؟؟  يا وادي المقهورين.

كم حمل حرف النون هذا لعنة لشعوبنا وأجدادنا لربّما قبل لبنان الكبير وبعده بكثييييير وكثير حتى ضمر وطننا وصار صغيراً في عيونكم أمام الشعوب المصفوفة الجائعة حيثما نظرتم واتّجهتم تأكلهم الغيرة حتّى من صفوف الحشرات التي تسير في الطرقات محملة بالحبوب نحو شقوق الأرض.

من هيروشيما اليابان تتجدد النون فوق الألسن لتمكث في فلسطين وأفغانستان وتصرخ في إيران و”اليمنين” ،ولبنان هو الموطن المدفون بحرف النون كما الجحيم الوطني المفتوح لشعوب طوائفية تتساقط في أوديته السياسية السحيقة الملتهبة بما لا يُشبعهم من أصناف الكوارث المرسومة حتى في مستقبل نطفهم.

كلّ هولاكو لبناني يطلّ علينا، يعيدنا إلى نقطة الصفر ماحياً كلّ شيء. يعيدنا إلى فيء قصبةٍ في البصرة، إلى الينابيع الأولى والبياض الكبير والفقر الكثير قبل أن تظهر الكتابة والاحتجاجات والحركات والثورات وما بعدها. سلالات من أحفاد هولاكو في لبنان.

وبمواساة كوارثنا، أعادتنا سلالات هولاكو وتعيدنا إلى كتابة مقالاتٍ في جنون الشعر الغامض المتعب القرف الوعر، والتسمّر أمام معظم المثقفين والشعراء والكتبة والصحافيين، عفواً الإعلاميين الذين ملأ العديد منهم الشاشات بلحاهم الوحدوية التقسيمية تسيل منها “الثقافات” الممسوخة والمهاترات تسقط من جيوبهم الثروات يدوسونها من دون اهتمام. لحاهم تراها مقسّمة مثل اليمن وكوريا وفيتنام إلى شمالية وجنوبية وشرقية وغربية و8 و14 و17 و6 و1975 و 1988 ،وكما ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل وتقسيمها خطوطاً لا تُحصى في الجهات كلها.

تجد بعض اللحى غير مقسّمة لا شرقية ولا غربية لا مسيحية ولا إسلامية لا مارونية ولا أرثوذكسية لكنها حنين إلى هذا كلّه. إنّهم” وحدويّون” في التوق للبنادق وأصوات الفذائف والحرائق على نسق سياسات هنري كيسنجر الذي بحث وما زال يبحث عن مرجعٍ إسلامي يستطيع التكلم معه حول الإسلام فلم يجد! أتتذكرونه؟ ومثل زعماء إسرائيل وأتباعهم وبتم تعرفونهم وتحفظونهم عن ظهر ألسنة خرساء. لن يضع أحفادكم إسرائيل بين قوسين بعد اليوم أي بعد تعريتكم في هندسات الغاز والنفط، خوفاً من المحاكمة.

مرحبا دكتور عصام خليفة .إبحث عمّن يخلفك بعد اليوم أيّها المنتصر بالصوت والحق ولبنان …..لقد ثخن صوتك وتوسّعت الجروح في أوتار حناجرك دماءً فوق دماء في زمن أطرش.

لم ينزع الزعيم المزعوم شعرة واحدة من شاربيه أو وجهه، بينما تجد واحداً وقد شذّب لحيته على شكل أرزة تذكيراً بثورة الأرز التي تفتّحت ربيعاً عربيّاً هرّت أوراق بشره والشجر. وتجد واحداً وقد شذّب لحيته على شكل شتلة تبغ أو زيتونة ،وثالث يحفّها مثل خارطة لبنان ما قبل الميلاد، ورابع مثل جزيرة قبرص اليونانية وآخر التركيّة، وتجد خامساً يدوّرها تماماً كما الكرة الأرضيّة، بما فيها أصقاع سيبيريا حيث يتلاكم بوتين وبايدن فوق أوكرانيا وقبلهما ترامب وباراك نعم باراك حسين أوباما.

المهمّ في فصل اللحى، الكلام في الشعر بفتح الشين لا الشعر بكسرها. الأساس هو المال: إدفع تسمع. ادفع ننظّف سجلك ولسانك وسيرتك. ادفع وإلاّ سترانا عند خصمك وقد ندفعك أمام قاض ضجران ليدفعك سعيداً نحو سجن نجسٍ يمحو جنس البشر.

ماذا ينتظر القضاة بعد بعدما قُضي على لبنان وأنتم تتفرجون وتنتظرون حبة مسكٍ فوق رواتبكم نشلتكم من فقركم من أوّل هذا الشهر؟؟؟

مبروك عليكم تلك المساعدة الطارئة بالفريش دولار، وسلامي لكم يا قضاة لبنان تفترشون الصمت والتلبك أكثر من تكسير المطارق فوق رؤوسهم  ودلق الحبر بحوراً وحروباً للعدالة والصوت والقانون والمواقف الشجاعة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى