العالم العربيرأيسياسة

عندما تتجّرد السياسية من الثوابت الانسانية والاخلاقية: حصار سوريا ولبنان وحرب اليمن مثالاً (جواد الهنداوي) 

 

د. جواد الهنداوي * -الحوارنيوز

              

شهر رمضان الكريم جعلني افكّر واكتبُ عن الثوابت الانسانية  والاخلاقية وعن سياسة التجويع والحصار المفروضة على شعبيّ سوريا ولبنان ، على شعب ” بلاد الشام “. لم اقصدْ في العنوان السياسة الامريكية والاسرائيلية او الصهيونية، والقائمة اساساً على المبدأ الميكافيلي، وعنوانه ” الغاية تبّرر الوسيلة “، وانما اقصدْ السياسة العربية دولاً  وجامعة، تجاه ما يعانيه الشعب السوري  والشعب اللبناني من حيف وظلم و حصار وتجويع، ونحن نعيش شهر الاخلاق  والفضائل  والتراحم والتقرّب الى الله عزّّ وجلْ بعمل صالح تجاه معاناة الشعوب  من الحصار والحروب.

ليس من الحق و المعقول  والمقبول أنْ نمتنع ،نحن العرب، عن مّدْ يد العون والمساعدة والتبادل التجاري مع لبنان ومع سوريا (بلاد الشام) لارضاء  وخدمة مرتكبي الجرائم  والمجازر في فلسطين ولبنان وسوريا  والعراق! 

لنطالب، ونحن في هذا الشهر الكريم ، على الاقل، بشمولهم بالسلام الابراهيمي؟ و نمدّهم بالخبز و الوقود والدواء! 

أو ليسوا  هولاء من ملّة ابراهيم؟ ويجمعنا و اياهم الاسلام  والقومية والتاريخ المشترك …؟ 

مَنْ يؤمن بالسلام ومَنْ يؤمن بالابراهيمية كقيم انسانية  واخلاقية و يتبناها في توجهاته السياسيّة ، وكأساس لأمن واستقرار و ازدهار المنطقة، عليه أنْ يفعلّها تجاه المظلوم وتجاه ألمُغتصبْ حقه و المحاصر ظلماً وليس تجاه الظالم والغاصب والمحتل! 

ونحن في الشهر الحرام، الاستمرار في عزل و حصار  وتجويع شعب سوريا وشعب لبنان بأرادة العقوبات الامريكية الاسرائلية ، والانفتاح على الكيان المحتل و الغاصب والتعاون معه بارادة السلام الابراهيمي هي معصّيّة لله وللحق و طاعة للمستبدْ و للباطل.

ليست اسرائيل، والتي تعيش على التوسّع و الاحتلال والقهر  والاستبداد، مَنْ هي بحاجة الى السلام الابراهيمي، و انما سوريا ولبنان واليمن هم أحق وأولى بالسلام و وقف الحروب العسكرية والاقتصادية والنقدية، هُمْ اولى بالمشاريع التنمويّة  وبطريق الحرير وبالتكامل الاقتصادي مع الاردن والعراق . 

 عندما يحاول لبنان ان ينهض باقتراح  تعاون او تكامل اقتصادي مع الاردن والعراق ( فكرة الرئيس عون )، او بتفعيل دور حكومة تصريف الاعمال في لبنان ( دعوة السيد حسن نصر الله ) تُجهضْ هذه المحاولات قبل ولادتها، اذعاناً للارادة الامريكية وللمصلحة الاسرائيلية، لا يشفع لمحاولات لبنان وسوريا واليمن للخروج من دائرة الظلم  والاستهداف السلام الابراهيمي ،  ولا ضرورة امن و استقرار المنطقة ولا حقوق الانسان …

يجب أن ندوّن ،كي يقرأ جيل المستقبل، بأنَّ دولنا العربية، حاصرت بعضها البعض، وقاتلت  وحاربت بعضها البعض، بذرائع وهميّة و كاذبة ، ولاهداف امريكية اسرائلية، وبشعارات زائفه ( اسلحة الدمار الشامل ،الشرعية الدولية ،قانون قيصر ،العقوبات الامريكية ).

 يجبُ أنْ ندوّن ،كي يقرأ جيل المستقبل، ويؤرشف التاريخ ،بأنَّ نفط دولنا و اموال دولنا يصلان لمن احتلَ اراضينا وارتكب بحق شعوبنا مجازر قانا وصبرا وشاتيلا وجرائم حرب و انسانية في العراق و فلسطين و سوريا، ويُحضرْ على مَنْ لهم حق علينا، بروابط الاخوة والتاريخ والدين  والانسانية.

 هل نغتنم فرصة حلول الشهر المبارك ويبادر ألمعنيون بأمر المسلمين في اليمن وفي السعودية الى وقف الاقتتال  والقصف المتبادل، والشروع في إنهاء الحرب؟ 

هل تجرأ الدول العربية والجامعة العربية، وبحجّة السلام الابراهيمي، الى رفض الاستمرار بفرض العقوبات على سوريا ولبنان، والشروع بتفعيل العلاقات و مّدْ البلديّن بما يحتاجانه من معونات اساسية؟

*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى