سياسةمحليات لبنانية

التعاميم الجديدة لمصرف لبنان وأثرها على المصارف والتجار وسعر الصرف

 

د.عماد عكوش
في ظل الأصدارات المتتالية لقرارات مصرف لبنان ،وكان أخرها القراران الوسيطان 13283 و 13282 تاريخ 9 تشرين أول 2020 ،والتي تتناول موضوع السحوبات النقدية من حسابات الدولار الأميريكي وفقا لسعر المنصة ، وألزامية الأيداع النقدي من قبل مستوردي السلع الأساسية لنسبة حصتهم من القيمة بالليرة اللبنانية لدى المصارف التجارية مقابل تأمين مصرف لبنان للدولار لهم بالسعر الرسمي وهو 1507.50 ليرة لبنانية .
بالنسبة لموضوع القرار الوسيط الأول رقم 13282 فإن ترك الأمور للمصرف في تحديد الحد الأقصى للسحوبات ،يعني أننا ذاهبون باتجاه المزيد من التقنين على السحوبات ،خاصة أن أي عملية سحب تعني مزيدا من التسييل لتوظيفات المصارف التجارية لدى مصرف لبنان ،وما يعني ذلك من أضطرارها لدفع فائدة الحسم ،علما أن المصارف ملزمة وفقا لتعاميم مصرف لبنان بتوظيف السيولة أساسا وفقا لشروط ودائعها ،وبالتالي فهي أساسا خالفت هذه التعاميم ،فلماذا يتحمل المودع أخطاء أرتكبتها أدارة هذه المصارف؟
ووفقا لأخر معلومات صادرة فإن المصارف تتجه الى تحميل المودع أخطاء سياستها عبر المزيد من التقنين على سحوبات الليرة أيضا، والسبب المعلن من قبل مصرف لبنان هو العمل على تخفيض وتيرة زيادة الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية الموضوعة قيد التداول، والتي وصلت قيمتها لغاية نهاية شهر أيلول مبلغ 23743 مليار ليرة لبنانية، والتي تلعب دورا كبيرا في عمليات المضاربة في السوق، وبالتالي الضغط على سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي ، وهذا كان السبب المعلن، أما الأسباب غير المعلنة فهي التالية :
– تكلفة الطباعة والخسائر التي يتكبدها مصرف لبنان والتي وصلت مجمل الخسائر لغاية نهاية أيلول الى مبلغ 66038 مليار ليرة لبنانية .
– أيقاف نزيف المصارف التجارية والتي في حال لم يتم معالجة السحوبات المتواصلة لودائعها ستصل الى وقت تنعدم السيولة لديها وبالتالي أفلاسها بالكامل .

بالنسبة لموضوع القرار رقم 13283 فإن ألزام تجار السلع الأساسية تأمين السيولة نقدا مقابل تأمين مصرف لبنان للدولار مقابل سعر رسمي 1507.50 ليرة، فالسبب المعلن هو منع ضخ مزيد من الليرة اللبنانية في السوق على أعتبار ان المصارف التجارية كانت تشتري الدولار من خلال حساباتها لدى المصارف التجارية وبالتالي مقابل ودائعها التي كانت مجمدة في الأساس .  أما الأسباب غير المعلنة فهي :
– قيام بعض التجار بدفع مستحقاتهم من خلال حساباتهم المجمدة ،وبالتالي أجبار مصرف لبنان على ضخ ليرة نقدية في السوق مقابل دولار الإستيراد والذي يتحول لاحقا الى ليرة نقدية بعد بيع بضائعهم في السوق .
– قيام بعض التجار بتحرير ودائع المودعين الآخرين عبر شرائهم لشيكات من السوق بسعر مخصوم وأيداعها في حساباتهم تسديدا لعملية شراء الدولار بالسعر الرسمي ما يزيد من الكتلة النقدية بالليرة في السوق .
– وقف نزيف الودائع من المصارف التجارية وخاصة من ودائع المصارف التجارية لدى مصرف لبنان والتي انخفضت لتصل الى 108 مليار دولار في نهاية أيلول 2020 .
هذه التعاميم والقرارات لن تكون هي الحل لموضوع الودائع ، فما دامت الثقة مفقودة بالمصارف التجارية فكل هذه التعاميم سيكون أثرها سلبيا على هذه الثقة .فالثقة لا يمكن بناؤها وأعادة أحيائها ألا من خلال تشريعات جديدة يقوم بأصدارها مجلس النواب وقرارات جديدة تأخذها الحكومة اللبنانية لضمان الودائع الجديدة ، ودور مصرف لبنان يجب أن يكون تحفيزيا لناحية أصدار تعاميم تشجع على أيداع اللبنانيين لودائعهم في المصارف التجارية وبالتالي أعطاء حوافز لهؤلاء لتشجيعهم على ذلك .
أما بالنسبة لموضوع تأثير هذه التعاميم على سعر صرف الدولار الأميركي فإن تقنين دفع الودائع بالليرة اللبنانية لن يكون له أثر كبير على سعر الصرف على أعتبار ان سعر الصرف اليوم أصبح مرتبطا بأمرين :
– حجم أحتياطي العملات الصعبة لدى مصرف لبنان والذي يتم أستنزافه بشكل كبير .
– عدم الثقة بالقطاع المصرفي والذي يؤدي الى عدم أعادة بناء أحتياطي العملات الصعبة .
لذلك نرى ضرورة العمل على وضع خطط مالية وأقتصادية لمعالجة الوضعين المصرفي والأقتصادي للخروج من أزمة سعر الصرف ومن أزمة أستنزاف أحتياطي العملات الصعبة لدى مصرف لبنان ، أضافة الى تحريك الوضع الأقتصادي عبر مشاريع بنى تحتية تكبر حجم الأقتصاد وخاصة في موضوع المناطق الصناعية ، وسائل النقل ، والكهرباء .
أما بالنسبة للتجار فهم بالأساس يبيعون بضائعهم اليوم نقدا  ولن يجدوا صعوبة في تأمين هذه الأموال، ومعظمهم بالأساس لم يكونوا يملكون حسابات بأرصدة أيجابية لدى المصارف بل حسابات تسهيلات ،ولجأوا كما أوردنا سابقا الى شراء شيكات مقابل البنكنوت .

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى