الاعفاء من رسوم الميكانيك: قرار ظني بالإعدام!
اصدر وزيرا الداخلية محمد فهمي والمالية غازي وزني، قرارًا ألغى مشروع مجلس الوزراء المستقيل حول إعفاء المركبات الآلية من الرسوم السنوية للميكانيك والغرامات المرتبطة بها لعامي 2020 و2021.
حينها أوضح رئيس مصلحة تسجيل السيارات والآليات في هيئة إدارة السير أيمن عبد الغفور أن "كلّ ما يتعلق بالإعفاءات يرتبط بإقراره في مجلس النواب، وإذا لم يتمّ هذا الأمر لا يُعتبر القرار نافذًا أو ساري المفعول".
حين صدر ذلك القرار تطلع اللبنانيون الى إعفاءات ضريبية أخرى، تشمل المياه والكهرباء بشكل خاص، ليس بداعي الفضول أو التنكيد على الدولة أو شل خزينتها المتهالكة أصلاً، بل بسبب الأزمات التي لحقتهم وتلاحقهم منذ منتصف عام 2019، وظنوا، وإن بعض الظن إثم، أن الحكومة ومجلس النواب بدأوا يشعرون تجاه الناس بالحالة الصعبة التي وصلوا إليها، وأنهم سيخففون عن كواهلهم متاعب الحياة ومشقاتها التي تزداد يومًا بعد يوم. وهم، أي الناس، يتعرضون في يومياتهم لأسوأ شكل من أشكال العنف الحياتي، فبعضهم يترك العمل عنوةً جراء إفلاس المؤسسات التي يعمل بها، وبعضهم يجد نفسه على قارعة الطريق بعد أن أقفل محله التجاري ولم تجد نفعًا الاستدانات المتكررة لكي يضخ مؤسّسته بأوكسيجين العمل، فيما من بقي منهم على قيد العمل ضَمُرَ مرتبه الى النصف وبالكاد يكفيه لتأمين لقمة عيش عياله.
لقد نأى مجلس الشعب بنفسه عن وجع الناس وآلامهم، وراح يبحث في القضايا الاستراتيجية الكبيرة التي تهم المنطقة كلها!! واعتبر أن لقمة عيش المواطنين هي أمر ثانوي ليس ذا أهمية، وتاليًا، فلّيَمُت المواطن قهرًا وربما انتحارًا، فالأمر يمر عليه مرور الكرام.
إذًا هي ليست قضية إعفاء من رسم معين، وليست قضية تأمين هذا الرسم. هي ببساطة، قضية أخلاقية بامتياز، فمن شرب حليب الوطن وسرق خيراته وأوقعه تحت مديونية لن نشهد سدادها في حياتنا، فهو لن يشعر بمواطنٍ يكابد الأمرين ليعتاش مع أبنائه بكرامة، وسيتركه لمصيره، وله ربٌ يواسيه.