رأي

الوحشية الصهيونية في غزّة تستدعي تعزيز المقاومة اللبنانية (زياد علوش)

 

د. زياد علوش* – الحوار نيوز

 

سادية المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الاسرائيلي في”غزة” ضد المدنيين،تفيد بأن وحشا مسعورا يعيش في جوارنا ،ويحتم على اللبنانيين تعزيز قوة مقاومتهم،كي لا يصيبهم نفس الالم الفلسطيني الذي يفوق طاقة البشر العاديين على التحمل،حتى المناوئين للمقاومة في الخلاف السياسي الداخلي معها، بعيداً عن المكابرة، باتوا يدركون ان لبنان يعيش الى جانب خطر محدق،لا يمكن الركون اليه بدعوى الاهزوجة القديمة “قوة لبنان في ضعفه” .

فضلاً عن ان اسرائيل ما زالت تحتل اراضي لبنانية، فهي دولة عنصرية توسعية تمد بصرها بتوحش نحو مجمل الشرق الاوسط كرأس حربة استعمارية.

ارتفعت بعض الاصوات الانهزامية مؤخراً التي تطالب المقاومة اللبنانية بوقف عملياتها ضد اسرائيل ، والتي تقوم بها اسناداً لغزة،فهل يعلم هؤلاء ان التدحرج يغري اسرائيل بالانقضاض على فريستها والعكس صحيح؟

واهم من يعتقد أن السياسة والدبلوماسية والمناشدات المجردة دون قوة فعلية عسكرية وامنية واعلامية واقتصادية ستحمي لبنان،لان من نناشدهم بتوابعهم امريكا واوروبا ،الذين يتشدقون بالانسانيات هم اصحاب العدوان الحقيقيين، تربطهم الصهيونية بقيود سرديتها التي ينبحون بها ليلاً ونهاراً في السياسة والدبلوماسية والاعلام،انما تل ابيب تقوم باعمالهم القذرة من اجل ان تبقى سرديتهم الكاذبة في الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان قابلة للترويج عند المغفلين وبؤساء الابراهيمية الجديدة.

اذا لم يعزز لبنان مقاومته بالشكل الكافي، فإن ذلك يشكل اغراء كبيرا لاسرائيل كي تشن عدوانها الذي ستوسعه وتعمقه على وقع مجازر لا تنتهي،خاصة ان لتل ابيب اكثر من ثأر مع لبنان، وهي لن ترحمه بكل الظروف،على ان موقف الشعب اللبناني يقوم على اصالة إما ان يكون عزيزاً او لا يكون، وانه ليس من المصلحة ان نربط إقدامنا الوطني كلبنانيين  بتخاذل الاخرين.

ما يتوجب على اللبنانيين فعله هو ان يكونوا قادرين على ايلام العدو بنفس الطريقة واكثر، وهذا هو الشيء الوحيد الذي يردع العدو ويحمي اللبنانيين ،لان العرب والمسلمين ربما ليس لديهم الوقت والدوافع لنجدتنا، كما ان امريكا والغرب سيصرون على حق اسرائيل في ابادتنا، وفي احسن الاحوال سيطالبونها بشيء من السخرية بتقليل بعض جرعات آلامنا.

نحن هنا لا نقلق على المقاتلين كما هو الحال في غزة حيث يقومون بالواجب على اكمل وجه .فمطالبتنا هي بالتفكير بمنع العدو من ان يمعن في استهداف المدنيين والاعيان.

ولان الحقوق والواجبات متبادلة بين الشعب ومقاومته لا بد من دعم كل اللبنانيين لمقاومتهم وبكل السبل الممكنة، كي تتمكن من تحقيق هذا المستوى من الردع، فليس من المعقول ان يتوحد العدو على طغيانه وان يتفرق اصحاب الحق على قضيتهم.

إن حديث نزع سلاح المقاومة يجب ان ينتهي الان الى حين الحديث عن الاستراتيجية الدفاعية الوطنية في وقت وظرف مناسبين، ويحين ذلك بزوال اسرائيل،بل اكثر من ذلك لا يجب ان تطمئن اسرائيل بأن الحرب لن تتوسع الى حيث يمكن ان تطال مصالحها،وإن كان ذلك يعود لتقدير المقاومة نفسها، الا ان موقفنا كلبنانيين ندرك ان الاشتباك مع العدو في لحظة مماثلة لما هو فيه من حرب على غزة ،افضل من الحروب التي يستفرد بها العدو بنا الواحد تلو الاخر، بما يحقق له تخصيص كل قوته ومقدراته وموارده في جبهة واحدة. وان تحذيرات اسرائيل على هذا الصعيد موقف ضعف وليست موقف قوة ينبع من ادراكها لاهمية سلاح المواجهة الشاملة ضدها.

ها هو الموقف اليمني الجريء والذي ترك خياراته مفتوحة باستهداف المصالح الاسرائيلية على كل الاحتمالات ،اعطى واقعة قوة ومرونة وقيمة اقليمية ودولية، بما يؤكد ان العرب والمسلمين لديهم الكثير من الاوراق اذا وجدت الارادة لاستخدامها،وعلى هذا الاساس يجب ان تكون كل المواقف المقاومة ضد العدو الاسرائيل. فالمعادلة الواضحة ان امريكا واسرائيل تُمعنان في اذلال من يرضخون لتهديداتهما وتقفان عند حدهما مع اولئك الذين يلتزمون المواقف الحاسمة المبنية على اسس حقيقية. وعليه فإن طريق وقف اطلاق النار في غزة وفك الحصار عنها والحؤول دون عدوان اسرائيلي جديد في اي موقع في منطقتنا ،لا سيما في لبنان، لن يكون بالمناشدات ،بل عندما تشعر واشنطن وتل ابيب اننا اقوياء وان المواجهة الشاملة قد اقتربت ودنت، وهذا اكثر ما تخشاه وترضخ لشروطه.

ما ينبغي ان يدركه الجميع اننا بحاجة الى تأكيد فلسفة مقاومتنا ، وتعزيز قوتها بحيث تدرك يدها مصالح كل من يشارك بالعدوان علينا في هذا العالم.

 

*كاتب صحفي ومحلل سياسي

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى