إغتراب

الإغتراب اللبناني الثلاثي الأبعاد؟


                    

حكمت عبيد – الحوارنيوز خاص
في مثل هذا اليوم من شهر آذار يحتفل لبنان بيوم المغترب اللبناني، ويحلو للبعض أن يطلق عليه تسمية عيد المغترب اللبناني.
لم يكن ليتذكر اللبنانيون، مقيمين ومغتربين، هذا اليوم، إلا ما ندر وفي بعض البلدان الخارجية وبمبادرات خجولة.
أما هذا العام فإنه كان يوما حاضرا في العديد من المحطات الإعلامية ،وإن كان المناخ العام في البلاد لا يحتمل أي إحتفال لا في الشكل ولا في المضمون.
في الشكل أفضت اللقاءات والتجمعات الكبيرة نتيجة انتشار وباء الكورونا المستجد، وفي المضمون فإن الإغتراب اللبناني يمر في العام 2020 بمأساة ثلاثية الأبعاد.
البعد الأول يتمثل بالإغتراب بذاته الذي ينطوي على ألم الفراق والغربة ،وإن حمل بين دفاته الفرص والعمل والأمل والتطور والتحصيل العلمي…
البعد الثاني ويتمثل في تحول الإغتراب إلى قضية للإعلام ومناسبات إحتفالية موسمية تحت عناوين مختلفة، بعضها فضفاض وبعضها للإستهلاك الذي ينتهي مفعوله بإنتهاء المناسبة. وهذا البعد ينطبق على استراتيجية الدولة اللبنانية وكذلك استراتيجيات الجمعيات والمؤسسات التي تعتبر نفسها معنية بملف الإغتراب اللبناني.
أما البعد الثالث فيتجسد بما آلت اليه أوضاع المغتربين في العديد من القارات، لاسيما في دول أميركا الجنوبية، ودول القارة الأفريقية، حيث الإقتصادات ما زالت في حالة تدهور. "وما زاد الطين بلة" الأزمة المالية والمصرفية التي يعاني منها لبنان ومصارفه ،وشملت في ما شملت حجز لا بل "الحجر" على أموال المودعين ،ومنها أموال المغتربين الذين آمنوا بالمصارف اللبنانية وبعضهم حول شركاته الى "أوف شور" ليتسنى له العودة الى لبنان وإدارة أعماله انطلاقا من وطنه، ما يسمح بفرص عمل للشباب اللبناني وبعوائد أخرى إيجابية". كانت النتيجة أن الإدارة المعنية عن المصارف تحولت في الآونة الأخيرة الى ما يشبه "الكازينو" وسمحت لنفسها باللعب والمقامرة بأموال اللبنانيين ورهنتها لآجال طويلة وربما تكون قد خسرت بعضها!
ورغم ذلك، يبدو المغترب اللبناني أكثر تفاؤلا من المواطن المقيم، ويستحق التحية على إيمانه بوطنه، وهذا الإنطباع خرجت به "الحوارنيوز" بعد عدة لقاءات شملت عددا كبيرا من المغتربين واستوقفتهم حيال عدد من القضايا.
ويمكن ذكر أبرز المؤشرات التي برزت في اللقاءات وأجوبة المغتربين:
1- التمسك بإيمانهم بوطنهم وبنهوضه مجددا وتجاوز أزماته الخطيرة والمصيرية.
2- تطلعهم لوطن خارج المنظومة التحاصصية الطائفية المذهبية. وطن تسود فيه المواطنة وتحمه القوانين لا الزعامات.
3- يأملون من دولتهم أن ترعى مصالحهم في الدول المضيفة من خلال حضور دبلوماسي محترم وفاعل، على أن يكون الإغتراب جزءا من استراتيجية عمل الدولة لا تفصيلا وجاهيا فقط.
4- لا يميلون الى هدر الوقت في البحث عن "شرعية هذه المؤسسة الإغترابية أو تلك" ،همهم أن تتقدم هذه الجمعيات ببرامج عمل فعلية وبتنشيط حركتها التي تخدم مصالح المغتربين، كل المغتربين، لا كبار المغتربين وكبار رجال الأعمال بينهم.
5- ومع إقرارهم بأن برامج العمل، منها ما هو مركزي ومنها المرتبط والمنسجم مع بعض البلدان المختلفة وفي القارات المختلفة، فإنهم يأخذون على من يدّعي الشرعية وحصرية التمثيل أنه لم يتقدم بأي خطوة جدية لمحاكاة قضايا الإغتراب الفعلية.
6- لم يلحظوا برنامجا يتضمن خطة لبناء شبكة أمان صحية لأبنائنا في أفريقيا. لم يلحظوا برنامجا يلحظ تشبيكا مع نقابات المهن الحرة في لبنان وأهمية تعزيز أواصر التعاون بينها وبين المغتربين من أصحاب تلك المهن. لم يلحظوا برنامجا ثقافيا يعزز شعورهم بفخر الإنتماء الى وطن الحرف وجبران وميخائيل نعيمة ومايكل دبغي ورمال رمال وامين معلوف والمئات  من العلماء البارزين في مختلف الحقول الإنسانية والعلمية.
في هذا اليوم، تجدد "الحوارنيوز" تحيتها للمغتربين وتتمنى لهم التوفيق وأن يبقى لبنان حضنهم ومظلتهم الكبيرة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى