سياسةمحليات لبنانية

الأسباب النفسية للعمالة والخيانة: أخطاء صغيرة تصنع عملاء كبارا

يعتقد كثيرون خطأً، أنّ أسباب العمالة والخيانة تقع بين المال والجنس والنساء، الا ان  كثيرين من العملاء او الخونة كانوا ميسوري الحال ولم يكن لديهم مشكلة مالية، بينما آخرون لم يكن للنساء او للجنس أي دور في مسلسل الخيانة ،ولو ان المال والنساء عنصران مهمان للايقاع بالأحمق المحدود البصيرة وفاقد الكرامة.
   هناك أسباب نفسية أخرى تتقدم المال والنساء، تدفع بالمرء ان يقع في أفخاخ العمالة ،مثل الشعور بعدم الإنتماء الى الجماعة او الى الوطن بسبب أحقاد او ثأر، نتيجة اعتقاد بسوء معاملة او أهانة او تجاهل من الجماعة او النافذين من جماعته، إذ يُسقط المرء هنا الأذية اللاحقة به من شخص الى الجماعة التي ينتمي اليها ذاك الشخص ككل، أكان حزبه ام طائفته ام شعبه. فكم من لبناني حقد على كل السوريين او كلّ الفلسطينيين لتلقيه صفعة من جندي سوري او من مسلح فلسطيني ؟ وكم من مسلم أسقط كراهيته على كل المسيحيين  لتعرضه لإضطهاد من مدير مسيحي طائفيّ في العمل؟ والعكس صحيح، فكم من مسيحي كره كل المسلمين  لتعرضه لاضطهاد من مدير مسلم متعصّ؟.
نعم الثأر والحقد غير كافيين للعمالة الا اذا أضيف عليهما عنصر آخر، كحبّ لعب دور البطل السرّي او المغامر الخفيّ الذي يحرك الأحداث من حوله جراء حنكته   واعماله شبه السحرية، والتي يصبغها بدور بطوليّ وهميّ شبه هوليودي، واحيانا كثيرة خياليّ-شبه هذياني، ليعوّض نقصاً يشعره في اعماقه بأنه نكرة ومنبوذ بين اهله وناسه ،يتطلب منه أداء فوق العادة ليثبت أهميته عبرعنصر المفاجأة الصادمة للجميع من حوله ،وعادة ما يكون هؤلاء نرجسيين مرهفين، انما لا يملكون اي صفة جمالية او هضامة ما او تفوق او هواية  تدعم وتبرّر إحساسهم النرجسي المرضي هذا، لذلك فعند اي خيبة او صدمة او فشل يصابون بجرح نرجسي نازف ،لا ينزف الا كراهية لمحيطه وانتقاما ممن اعتقدهم سببا في هزائمه النفسية المتلاحقة.
   كل عمالة رسالة انتقام من فرد الى جماعة نتيجة جرح نرجسي مرضي ينزف كراهية ،ويقوم على شعور حاقد وعدم الإنتماء للجماعة. وكل عميل هو ذو شخصية مريضة ويعاني من خلل في الحصانة النفسية واضطرابا في المناعة الأخلاقية.
   هناك أحياناً من يعمل في المقاومة او بقربها او من حولها او في الأجهزة الامنية الرسمية المولجة بالدفاع عن الوطن ،ويؤدي أدواراً لأخطر من العملاء والخونة للعدو الاسرائيلي من حيث لا يعلم، عبر عملية غريبة ومعقدة إجتماعية-كيميائية -نفسية ، تنجح في تحويل مؤيد للمقاومة ومحبّ للوطن وللدين وللأمة الى مشمئز ومنزعج بموضوع المقاومة و كافر بالجهاد و الاخلاص للوطن ،من دون ان يكون على اي علاقة عمالة مع احد .وهذا ما انتجته معظم اجهزة مخابرات الدول العربية لا سيما الممانعة منها .
  من هؤلاء الكيميائيين العلماء وعلى سبيل المثال، من يصنّف الناس بين مؤمن وكافر ،وبين موثوق به وملعون، وهم يرتشفون الشاي بين صلاة وصوم ،وبين قومية وعروبة، وبين فلسطين واندلس، ولا يتعبون من متابعة او مراقبة المشكوك بنزاهته، بحثا عن دليل يوثق شكوكهم المرضية، وليس بحثاً عن دليل يوثق واقع حال المسكين المغضوب عليه ،وعادة ما يكون هؤلاء من شخصيات امنية مراهقة ومضطربة و متوجسة و وسواسية واهمة لا تتقبل النقد او التراجع، انما تتوق لاثبات حدسها ولو بعد مئة عام من براءة المتهم او المشكوك به .
اخطر الناس، اشخاص مولجون بالامن، من اصحاب الشخصيات المريضة .
أسوأ الناس من أدّى للعدو خدمات حمقاء عن غير قصد، من اعتقد ان الله يسخّر له أناسا لخدمته ولخدمة مجموعته ،لانه مسدّد الخطى من الاله ،فيتخلى عن خدماتهم عند اول مفترق طرق ممكن، بينما هؤلاء ما هم الا محبون للتضحية وللفداء ،الا انهم مصنفون من عناصر الامن من الكفار او الزنادقة او الخوارج او المشكوك بأمرهم الى يوم القيامة ومن دون دليل ماديّ، فيستبعدون ويهمشون علما ان اغلب العملاء المسلمين الذين قبض عليهم ماتركوا صلاة لا بل آتوا كل زكاة في موعدها .
أيهما مؤمن وشريف واخلاقيّ واشجع أكثر:من حمل السلاح وقاتل اسرائيل بأسلحة بسيطة ومن دون درع أو خوذة على الراس ،غير طامع بجنة تاركا اهله من دون مال او رعاية بعد موته،  أم من قاتل العدو طمعا بجنة ومغريات الهية أخرى وهو يدري ان اهله من بعده سيكونون بخير وبأمان؟
   ليتواضع من يعتبر هذا الكلام يقصده وليستغفر لله ،لأن هذا الكلام غير مقصود به أحد ،لا حزب ولا مجموعة، لا تنظيم ولا دولة او طائفة ،انّما هو رأي قابل للخطأ وقابل للصواب، فإن أخطأنا فلنا حسنة واحدة ،وان أصبنا فلنا حسنتان او رصاصتان.
  وختاما استغفر لله لي ولكم، راجيا من الله ان يهدينا ويهديكم الى الصراط المستقيم.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى