سياسةمحليات لبنانية

لست بحاجة للدفاع عن حزبك يا سماحة السيد…

 

محمد صادق الحسيني
ان يطل سماحة السيد حسن نصر الله على جمهور المقاومة ومحبيها ، في طول الوطن العربي وعرضه ، فهو امر مطلوب ومحبوب . ولكن "اضطراره للدفاع " عن حزب الله ، امام الاتهامات الباطلة ، فهو امر لم نكن نتمناه مثلك ، وغير مطلوب ولا داعي له على الإطلاق يا سيد المقاومه "لولا نكد الدهر" كما تفضلت …!
ان حزب الله هو الحزب  الذي دافع و يدافع عن الأمة العربية والإسلامية ، دون ان يكون له اي مصلحة حزبية او سياسية في ذلك ، سوى الذود عن وجود هذه الامة وقضيتها المركزيه ، قضية فلسطين ، وقدس اقداسها عاصمة فلسطين ، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين .
بيت المقدس هذه التي وهبها ترامب وادارته الإنجيلية المتطرفة والمتصهينة لبنيامين نتنياهو، واعترف بها عاصمة لكيانه من دون ان يقوم من ينتقدون حزب الله بتقديم اي دعم فعلي للشعب الفلسطيني ومقاومته ، الذين يتصدون لمشروع صفقة القرن ومشاريع استكمال تهويد القدس ، كجزء من هذا المشروع .
حزب الله حزب مقاوم وليس حزباً مساوماً ، كما ان هذا الحزب اطهر من ان توجه اليه اي تهمة ، لانه محصن بدماء آلاف الشهداء ، الذين قدمهم في كافة ميادين القتال ، ضد العدو الامريكي الصهيوني ، بدءا من فلسطين مروراً بلبنان وعبوراً لسورية والعراق وصولاً الى اليمن وشعبه العربي الأبي والعصي على الانكسار .

من هنا نقول لك يا سماحة السيد ، ان موضوع العميل المجرم عامر الفاخوري ، وكل من شارك في ترتيبات حضوره الى لبنان ، في شهر أيلول سنة ٢٠١٩ ، ومغادرته لبنان في منتصف شهر آذار سنة ٢٠٢٠ ، اصغر بكثير من ان ينال من قامتكم وقامة الحزب، حزبكم العظيم  وشهدائه وتضحياته .

والحقيقة هي ان ما قامت به الولايات المتحدة من اختطاف جوّي لهذا العميل، ليست عملية بطولية ولا هي انجاز امني استخباراتي للمخابرات المركزيه الاميركيه والاستخبارات العسكريه ،وانما هي عملية قرصنة جوية مدانة من جانب دولة مارقة لا يحتاج تنفيذها الى اي جهد غير عادي . اذ ان الجهة التي نفذت العمليه قد اجرت ترتيباتها مع مجموعة من الخائبين والبائسين من ضعاف النفوس ، الذين مثلوا في مرحلة ما طغمة خيانية لطالما تعاونت مع العدو ، فعلت دورها اليوم ليستند اليها العدو الامريكي ليرسل مروحية عسكرية ، تتسع لأربعة وعشرين راكبًا ، ويبلغ مداها ١٣٠٠ كم ، وسرعتها ٥٦٥ كم في الساعة .
وقد اقلعت تلك المروحيه من قاعدة أكروتيري ( Akrotiri ) ،. التابعه لسلاح الجو البريطاني ، والواقعه جنوب جزيرة قبرص ، والتي تعتبر ارضاً سيادية بريطانيه ، اقلعت باتجاه السفاره الاميركيه في عوكر ، شمال بيروت ، مرتكبة عدواناً جوياً ، مكتمل الاركان ، على السياده الجويه اللبنانيه .
اذن فان من الواجب توجيه كل التهم ، وليس تهمة واحدة ، الى تلك الطغمة اللبنانيه ، العميلة والصغيرة للمعتدي الاميركي ، والتي منحته حقوق استباحة المجال الجوي اللبناني بسكوت بائس ، دون الإذن من احد ، و حادثة العميل الفاخوري لم تكن الاولى في هذا السياق  ، بل هي حالة مستمرة على مدار السنه ، حيث تقوم المروحيات الاميركيه بالتحليق في اجواء لبنان ، وصولاً الى مطار رياق والحدود الشرقيه مع سورية ، ناهيك عن الهبوط والإقلاع المستمر في السفارة الاميركيه ، التي هي اشبه بقاعدة عسكريه منها بسفارة ، وكذلك قاعدة حامات الجويه التي تحتوي وجوداً جوياً أمريكياً دائماً وليس عابراً فقط .
وعليه فان المتهم الاساسي ليس حتى قاضي المحكمة العسكريه البائس ، الذي اصدر ووقع قرار الإفراج عن العميل عامر الفاخوري ، وانما المتهم الرئيسي والأخطر ، في عملية القرصنه الجويه الاميركيه لاختطاف عميل مجرم ، هي تلك الطغمة اللبنانيه المشار اليها اعلاه المعادية لمقولة المقاومة ، وليس حزب الله وقيادته ولا حتى حلفاءه .بل انهم اولئك الذين ينسقون مع الاميركي والبريطاني يوميا ، وبالتالي الاسرائيلي على مدار العام  ، " لضبط " الحدود الشرقيه . اي سعياً لقطع خطوط امدادات حزب الله والمقاومه اللبنانيه من سورية ….
انهم هم أنفسهم الذين يجب ان توجه لهم تهمة الخيانه العظمى وتقديمهم للمحاكمة . أولئك الذين سمحوا بإقامة " ابراج المراقبه " ، على طول الحدود مع الشقيقة سورية ، ودون الحصول على موافقة اي مستوى سياسي في لبنان …!
انهم هم المتهمون بالصفقات والخيانة العظمى وبيع الارض والعرض . أولئك الذين يجتمعون مع ضباط تلك الأبراج ، ويقومون بالتنسيق معهم في تفاصيل التفاصيل .
لا حاجة للدفاع عن حزب الله يا سماحة السيد ، اذ ان ميادين القتال هي التي تشهد ، على قوة وصلابة وتمسك الحزب بمبادئه ….
فعملية القرصنة الاميركية هذه ، ورغم تعاون حفنة من العملاء اللبنانيين البائسين  مع الاستخبارات المركزية الاميركيه ، لتسهيل تنفيذها ، الا انها تعبر عن عجز الادارة الاميركية وبؤسها ، المتمثل في محاولة صناعة " انتصار " هوليوودي لاستثماره في حملة ترامب الانتخابيه .
هذه هي الولايات المتحده الضعيفة ، التي تحاول التغطيه على انسحابها الاستراتيجي من الشرق الاوسط من خلال عمليات هوليوودية لا قيمة لها ، اما الولايات المتحده القويه فقد قامت بقصف بيروت والجبل وغيرهما ، في شهر كانون الاول ١٩٨٣ بالقذائف المدفعيه ، من عيار ٤٠٣ ملم ( للتأكيد : نعم قذائف مدفعيه من عيار ٤٠٣ ملم ….اي ان قطر القذيفة هو٤٠ سم ) . حيث ارادت واشنطن ، آنذاك ، ان تستعرض عضلاتها العسكرية بشكل يزرع الرعب في صدور وعقول كل من يفكر بمقاومة جبروتها . لكن تلك القذائف العملاقه لم تكن سوى الفتيل ، الذي زاد المقاومة اشتعالاً ، وصولاً الى تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الاسرائيلي وعملائه ، الذين كان احدهم هذا السفاح المدعو عامر الفاخوري .
نعرف انك لا تلتفت الى صغائر الأمور يا سماحة السيد ،ونعرف انك سيد من عض على الجرح خدمة لسلّم الأولويات، ونعرف انك سيد الاستراتيجية والتكتيك والحرب النفسية والعسكرية .وانه اذا كان التكتيكي يلحق الضرر بالاستراتيجي ،فلا بد من إعطاء الأولوية للاستراتيجي فانت مسؤول على مستوى حركة تحرر على مستوى الامتين العربية والاسلامية وليس زعيما لبنانيا محليا..
وعليه فاننا واثقون من سلامة ورجحان تقديرك للموقف ودقة سكناتك وحركاتك …
كما اننا نعرف بدقة ايضا بان لا  اتهاماتهم ولا خيانتهم ولا تآمرهم سيثني المقاومة عن أهدافها الكبرى، وهي لن تسمح لاي كان بعرقلة استعداداتها المتواصلة لتنفيذ المرحلة النهائية من الهجوم الاستراتيجي الذي سيحرر فلسطين كل فلسطين . وعندئذ سيكون لكل حادث حديث  وسيعرف المرجفون في المدينة من هو حزب الله الذي ارادوا شغله او مشاغلته  بزواريب السياسة اللبنانية المحلية ،او اغراق جمهوره وبيئته باجواء التشكيك والترديد في محاولة يائسة وبائسة لثنيه عن المهمات الكبرى ، الامر الذي لم ولن ينطلي لا على قيادة هذا الحزب المقاوم العريق ولا على جمهوره الوفي والواعي والمصمم على مواكبة كل خطط القيادة اياً تكن التحديات، ومهما حاول البعض التشويش على نصاعتها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى